ولَمّا كانَ اسْتِبْعادُهم لِلْقِيامَةِ إمّا لِاسْتِبْعادِ القُدْرَةِ عَلى إعادَةِ الأجْزاءِ بَعْدَ تَفَرُّقِها أوْ لِاسْتِبْعادِ القُدْرَةِ عَلى تَمْيِيزِ تُرابِها مِن تُرابِ الأرْضِ بَعْدَ الِاخْتِلاطِ، وكانَ تَمْيِيزُ النُّطْفَةِ إلى ذَكَرٍ وأُنْثى كافِيًا في [رَدِّ -] الِاسْتِبْعادَيْنِ قالَ: ﴿فَجَعَلَ﴾ أيْ بِسَبَبِ النُّطْفَةِ ﴿مِنهُ﴾ أيْ هَذا الماءَ الدّافِقَ أوِ المَخْلُوقَ المُسَوّى وهُما شَيْءٌ واحِدٌ ﴿الزَّوْجَيْنِ﴾ أيِ القَرِينَيْنِ اللَّذَيْنِ لا يُمْكِنُ الِانْتِفاعُ بِأحَدِهِما إلّا بِالآخَرِ، ثُمَّ بَيَّنَهُما بِقَوْلِهِ: ﴿الذَّكَرَ والأُنْثى﴾ وهُما كَما تَعْلَمُونَ مُتَبايِنانِ في الطِّباعِ مُخْتَلِفانِ في أوْصافِ الأعْضاءِ والآلاتِ والمَتاعِ، كَما لَمْ يَتْرُكِ النُّطْفَةَ حَتّى صَيَّرَها عَلَقَةً ولا تَرَكَ العَلَقَةَ حَتّى صَيَّرَها [مُضْغَةً ولا تَرَكَ المُضْغَةَ حَتّى صَيَّرَها -] عِظامًا ولَمْ يَتْرُكِ العِظامَ حَتّى صَيَّرَها خَلْقًا آخَرَ إلى تَمامِ الخِلْقَةِ لِتَمامِ الحِكْمَةِ الظّاهِرَةِ وفَصَّلَها إلى ذَكَرٍ وأُنْثى وهي [ماءٌ-]، (p-١١٨)تَمْيِيزُ ما يَصْلُحُ مِنهُ لِلذَّكَرِ وما يَصْلُحُ مِنهُ لِلْأُنْثى أشَدُّ وأخْفى مِن تَمْيِيزِ تُرابِ المَيِّتِ مِن تُرابِ الأرْضِ، فَكَذَلِكَ لا يُتْرَكُ الجِسْمُ بَعْدَ مَوْتِهِ حَتّى يُعِيدَهُ ثُمَّ يَبْعَثُهُ إلى آخِرِ ذَلِكَ لِتَمامِ الحِكْمَةِ الباطِنَةِ وهي الجَزاءُ والحِكَمُ الَّذِي [هُوَ -] خاصَّةُ المَلِكِ.
{"ayah":"فَجَعَلَ مِنۡهُ ٱلزَّوۡجَیۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰۤ"}