الباحث القرآني

ولَمّا كانَ عَدَمُ البَعْثِ مِن خَلَلٍ في القُدْرَةِ، شَرَعُوا في إثْباتِ تَمامِ القُدْرَةِ عَلى وجْهٍ دالٍّ عَلى صِحَّةِ القُرْآنِ وحِراسَتِهِ مِنَ الجانِّ، لِئَلّا يَظُنَّ أنَّهُ مِن نَحْوِ ما لِلْكُهّانِ، فَقالُوا مُؤَكِّدِينَ في قِراءَةِ الكَسْرِ لِاسْتِبْعادِ الوُصُولِ إلى السَّماءِ حَثًّا عَلى طَلَبِ المُهِمّاتِ وإنْ بَعُدَ مَكانُها: ﴿وأنّا﴾ ولَمّا كانَ يُعَبِّرُ عَنِ الإمْعانِ في التَّفْتِيشِ بِالِالتِماسِ، وكانَ تَجْرِيدُ الفِعْلِ أعْظَمَ مِن ذَلِكَ لِلدَّلالَةِ عَلى الخِفَّةِ وعَدَمِ الكُلْفَةِ قالَ: ﴿لَمَسْنا السَّماءَ﴾ أيِ الدُّنْيا التَمَسْنا أخْبارَها عَلى ما كانَ مِن عادَتِنا لِاسْتِماعِ ما يَغْوى بِهِ الإنْسانُ التِماسًا هو كالحِسِّ بِاللَّمْسِ بِاليَدِ ﴿فَوَجَدْناها﴾ مِن جَمِيعِ نَواحِيها وهو مِنَ الوِجْدانِ ﴿مُلِئَتْ﴾ أيْ مَلَأً هو في غايَةِ السُّهُولَةِ والخِفَّةِ عَلى فاعِلِهِ ﴿حَرَسًا﴾ أيْ حُرّاسًا اسْمُ جَمْعٍ، فَهو مُفْرَدُ اللَّفْظِ، ولِذَلِكَ وصَفَ بِقَوْلِهِ: ﴿شَدِيدًا﴾ أيْ بِالمَلائِكَةُ ﴿وشُهُبًا﴾ جَمْعُ شِهابٍ وهو المُتَوَقِّدُ مِنَ النّارِ، فَعَلَتْ هِمَمُهم حَتّى طَلَبُوا المُهِمّاتِ الدُّنْيَوِيَّةَ والشَّهَواتِ النَّفْسانِيَّةَ مِن مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ صُعُودًا، فَأُفٍّ لِمَن يَكْسَلُ عَنْ مُهِمّاتِ الدِّينِ المُحَقِّقَةِ مِن مَسِيرَةِ ساعَةٍ أوْ دُونَها، وأنْ يَقْعُدَ في مَجْلِسِ العِلْمِ ساعَةً أوْ دُونَها، والتَّعْبِيرُ بِالمَلَأِ يَدُلُّ عَلى أنَّها كانَتْ [ قَبْلَ ذَلِكَ -] تَحْرُسُ لَكِنْ لا عَلى [ هَذا -] الوَجْهِ فَقِيلَ: إنَّها (p-٤٧٧)حَرَسَتْ لِنُزُولِ التَّوْراةِ ثُمَّ اشْتَدَّ الحَرَسُ لِلنَّجِيلِ ثُمَّ مُلِئَتْ لِنُزُولِ القُرْآنِ فَمُنِعُوا مِنَ الِاسْتِماعِ أصْلًا إلّا ما يَصْدُقُ القُرْآنُ إرْهاصًا لِلنُّبُوَّةِ العُظْمى الخاتِمَةِ لِئَلّا يَحْصُلُ بِهِمْ نَوْعُ لَبْسٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب