الباحث القرآني

ولَمّا كانَتْ نِعَمُهُ فَضْلًا مِنهُ ولَيْسَ مُسْتَحَقَّةً عَلَيْهِ بِعِبادَةٍ ولا غَيْرِها، قالَ تَعالى مُعَرِّفًا أنَّ غايَتَها اسْتِحْقاقُ الثَّوابِ أوِ العِقابِ عَلى ما كَتَبَهُ عَلى نَفْسِهِ سُبْحانَهُ ولا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيْهِ وأنَّ جَمِيعَ ما يُعامِلُ بِهِ عِبادَهُ سُبْحانَهُ وتَعالى مِن نَفْعٍ وضُرٍّ إنَّما هو فِتْنَةٌ لَهم يَسْتَخْرِجُ ما جُبِلُوا عَلَيْهِ مِن حَسَنٍ أوْ قَبِيحٍ: ﴿لِنَفْتِنَهُمْ﴾ أيْ نُعامِلُهم مُعامَلَةَ المُخْتَبَرِ (p-٤٨٨)بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿فِيهِ﴾ أيْ في ذَلِكَ الماءِ الَّذِي تَكُونُ عَنْهُ أنْواعُ النِّعَمِ لِيَنْكَشِفَ حالُ الشّاكِرِ والكافِرِ، قالَ الرّازِيُّ: وهَذا بَعْدَ ما حَبَسَ عَنْهُمُ المَطَرَ سِنِينَ - انْتَهى. وقالَ غَيْرُهُ: قالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ: أيْنَما كانَ الماءُ كانَ المالُ، وأيْنَما كانَ المالُ كانَتِ الفِتْنَةُ. وقالَ الحَسَنُ وغَيْرُهُ: كانُوا سامِعِينَ مُطِيعِينَ فَفُتِحَتْ عَلَيْهِمْ كُنُوزُ كِسْرى وقَيْصَرَ فَفُتِنُوا بِها فَوَثَبُوا بِإمامِهِمْ فَقَتَلُوهُ - يَعْنِي عُثْمانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُسْتَعارًا لِلْعِلْمِ وأنْواعَ المَعارِفِ النّاشِئَةِ عَنِ العِباداتِ الَّتِي هي لِلنُّفُوسِ كالنُّفُوسِ لِلْأبْدانِ وتَكُونُ الفِتْنَةُ بِمَعْنى التَّخْلِيصِ مِنَ الهُمُومِ الرَّذائِلِ في الدُّنْيا والنِّقَمِ في الآخِرَةِ، مَن فَتَنْتُ الذَّهَبَ - إذا خَلَّصْتُهُ مَن غِشِّهِ. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فَمَن يَقْبَلُ عَلى ذِكْرِ رَبِّهِ نُنَعِّمُهُ في دارِ السَّلامِ أبَدًا، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿ومَن يُعْرِضْ﴾ أيْ إعْراضًا مُسْتَمِرًّا إلى المَوْتِ ﴿عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ﴾ أيْ مُجاوِزًا عَنْ عِبادَةِ المُحْسِنِ إلَيْهِ المُرَبِّي لَهُ الَّذِي لا إحْسانَ عِنْدَهُ مِن غَيْرِهِ ﴿نَسْلُكُهُ﴾ [الحجر: ١٢] أيْ نُدْخِلُهُ ﴿عَذابًا﴾ يَكُونُ مَطْرُفًا لَهُ كالخَيْطِ يَكُونُ في ثُقْبِ الخَرَزَةِ في غايَةِ الضِّيقِ (p-٤٨٩)﴿صَعَدًا﴾ أيْ شاقًّا شَدِيدًا يَعْلُوهُ ويَغْلِبُهُ ويَصْعَدُ عَلَيْهِ، ويَكُونُ كُلَّ يَوْمٍ أعْلى مِمّا قَبْلَهُ جَزاءً وِفاقًا، فَإنَّ الإعْراضَ كُلَّما تَمادى زَمانُهُ كانَ أقْوى مِمّا كانَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب