الباحث القرآني

ولَمّا كانَ الظّانُّ قَدْ يُبادِرُ عَلى العَمَلِ بِمُوجِبِ ظَنِّهِ وقَدْ لا، بَيَّنُوا أنَّ مُرادَهم بِهِ العِلْمُ، وأنَّهم بادَرُوا إلى العَمَلِ بِما دَعا إلَيْهِ، فَقالُوا مُؤَكِّدِينَ لِما لِلْجِنِّ مِنَ الإباءِ والعُسْرِ: ﴿وأنّا لَمّا سَمِعْنا﴾ أيْ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ ﴿الهُدى﴾ أيِ القُرْآنِ الَّذِي لَهُ مِنَ العَراقَةِ التّامَّةِ في صِفَةِ البَيانِ والدُّعاءِ إلى الخَيْرِ ما سَوَّغَ أنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ نَفْسُ الهُدى: ﴿آمَنّا بِهِ﴾ أيْ مِن غَيْرِ وقْفَةٍ أصْلًا عَمَلًا بِما لَهُ مِن هَذا الوَصْفِ العَظِيمِ. (p-٤٨٣)ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فَآمَنّا بِسَبَبِ إيمانِنا الَّذِي قادَنا إلَيْهِ حَفْظُ السَّماءِ مِنَ الإيقاعِ بِهِ لِتَمامِ قُدْرَتِهِ عَلَيْنا الَّذِي هَدانا إلَيْهِ مَنَعَنا مِنَ الِاسْتِماعِ بِالحِراسَةِ، سَبَّبُوا عَنْ ذَلِكَ قَوْلَهم مُعْتَرِفِينَ بِالعَجْزِ عَنْ مُقاوَمَةِ التَّهْدِيدِ مِنَ المَلِكِ طالِبِينَ التَّحَصُّنَ بِتَحْصِينِهِ والِاعْتِصامَ بِحَبْلِهِ: ﴿فَمَن يُؤْمِن﴾ أيْ يُوجِدُ حَقِيقَةَ الإيمانِ ويَسْتَمِرُّ عَلى تَجْدِيدِها كُلَّ لَحْظَةٍ. ولَمّا فَهِمُوا أنَّ دُعاءَهُ إلَيْهِ وبَيانَهُ لِلطَّرِيقِ مَعَ قُدْرَتِهِ التّامَّةِ إنَّما هو مِن عُمُومِ لُطْفِهِ ورَحْمَتِهِ، ذَكَرُوا وصْفَ الإحْسانِ لِزِيادَةِ التَّرْغِيبِ فَقالُوا: ﴿بِرَبِّهِ﴾ أيِ المُحْسِنِ إلَيْهِ مِنّا ومِن غَيْرِنا. ولَمّا كانَ المُؤْمِنُ هو المُخْتَصُّ مِن بَيْنِ الخَلْقِ بِالنَّجاةِ، أدْخَلَ الفاءَ عَلى الجَوابِ ورَفَعَهُ عَلى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ دَلالَةً عَلى ذَلِكَ وعَلى أنَّ نَجاتَهم ما لا بُدَّ مِنهُ فَقالَ: ﴿فَلا﴾ أيْ فَهو خاصَّةً [ لا -] ﴿يَخافُ﴾ أصْلًا ﴿بَخْسًا﴾ أيْ نَقْصًا وقِلَّةً وخُبْثًا ونَكِدًا في الثَّوابِ والإكْرامِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ ﴿ولا رَهَقًا﴾ أيْ مَكْرُوهًا يَلْحَقُهُ فَيَقْهَرُهُ لِأنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَعَ أحَدٍ شَيْئًا مِن ذَلِكَ لِيُجازى عَلَيْهِ، فَهَذا حَثٌّ لِلْمُؤْمِنِ عَلى اجْتِنابِ ذَلِكَ لِئَلّا يُجازى بِهِ، وقَدْ هَدى السِّياقُ إلى تَقْدِيرِ: ومَن يُشْرِكُ بِهِ فَلا، يَأْمَنُ مُحِقًّا ولا صَعْقًا. (p-٤٨٤)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب