الباحث القرآني

ولَمّا أخْبَرَ سُبْحانَهُ [ بِسُهُولَةِ -] إيمانِهِمْ، فَكانَ رُبَّما ظَنَّ أنَّ ذَلِكَ ما كانَ إلّا لِأنَّ شَأْنَهُمُ اللِّينُ، أتْبَعَهُ ما يَعْلَمُ أنَّ ذَلِكَ خارِقَةً لِأجْلِهِ (p-٤٨٠)ﷺ كانَتْ، [ و-] لِإعْظامِهِ وإكْرامِهِ وُجِدَتْ، فَقالَ حِكايَةً عَنْهم مُؤَكِّدِينَ لِأنَّ الكَلامَ السّابِقَ ظاهِرٌ في سَلامَةِ طِباعِ الكُلِّ: ﴿وأنّا مِنّا﴾ أيْ أيُّها الجِنُّ ﴿الصّالِحُونَ﴾ أيِ العَرِيقُونَ في صِفَةِ الصَّلاحِ الَّتِي هي مُهَيِّئَةٌ لِقَبُولِ كُلِّ خَيْرٍ. ولَمّا كانَ غَيْرَ الصّالِحِ قَدْ يَكُونُ فاسِدًا بِأنْ يَكُونَ مُباشِرًا لِلْفَسادِ قاصِدًا لَهُ وقَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُباشِرٍ لَهُ، قالُوا مُتَفَطِّنِينَ لِمَراتِبِ العُلُومِ والأعْمالِ المُقَرَّبَةِ والمُبْعَدَةِ: ﴿ومِنّا﴾ وبَنى الظَّرْفَ المُبْتَدَأ بِهِ لِإضافَتِهِ إلى مَبْنِيٍّ فَقِيلَ: ﴿دُونَ﴾ أيْ قَوْمٍ في أدْنى رُتْبَةٍ [ مِن -] ﴿ذَلِكَ﴾ أيْ هَذا الوَصْفُ الشَّرِيفُ العالِي. ولَمّا كانَ مِن دُونِ الصّالِحِ ذا أنْواعٍ كَثِيرَةٍ بِحَسَبِ قابِلِيَّتِهِ لِلْفَسادِ أوِ الصَّلاحِ وتَهَيُّئِهِ لَهُ أوْ بَعْدَهُ عَنْهُ، حُسْنُ بَيانِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: ﴿كُنّا﴾ أوْ كَوْنًا هو كالجِبِلَّةِ ﴿طَرائِقَ﴾ أيْ ذَوِي طُرُقِ أيِّ مَذاهِبَ ووُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وأطْلَقُوا الطُّرُقَ عَلى أصْحابِها إشارَةً إلى شِدَّةِ تَلَبُّسِهِمْ بِها. ولَمّا كانَ الِانْفِصالُ قَدْ يَكُونُ بِأدْنى شَيْءٍ، بَيَّنَ أنَّهُ عَلى أعْلى الوُجُوهِ فَأطْلَقَ عَلَيْهِمْ نَفْسَ المُنْقَطِعِ ووَصَفَهم بِهِ فَقالَ: ﴿قِدَدًا﴾ أيْ (p-٤٨١)فِرَقًا مُتَفَرِّقَةً أهْواؤُها، جَمْعُ قِدَةٍ وهي الفِرْقَةُ مِنَ النّاسِ هَواها عَلى غَيْرِ هَواهُمْ، مِنَ القَدِّ [ و-] هو القَطْعُ المُوجِبُ لِلتَّفَرُّقِ العَظِيمِ مِثْلُ السُّيُورِ الَّتِي تَقْطَعُ مِنَ الجِلْدِ وقْدٌ مِنهُ بِحَيْثُ تَصِيرُ [ كُلُّ فِرْقَةٍ -] عَلى حِدَتِها، قالَ الحَسَنُ والسُّدِّيُّ: كافِرِينَ ومُسْلِمِينَ ورافِضَةٍ ومُعْتَزِلَةٍ [ و-] مُرْجِئَةٍ وغَيْرِ ذَلِكَ مِثْلُ فِرَقِ الإنْسِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب