الباحث القرآني

ولَمّا أُخْبِرُوا عَنْ إيمانِهِمْ أنَّهُ كانَ عَقِبَ سَماعِهِمْ مِن غَيْرِ تَوَقُّفٍ، ثُمَّ ذَكَرُوا مَنعَهم مِنَ الِاسْتِراقِ، ذَكَرُوا أنَّهُ اشْتُبِهَ عَلَيْهِمُ المَنعُ فَلَمْ يَعْلَمُوا سِرَّهُ دَلالَةً عَلى أنَّ جَهْلَ بَعْضِ المَسائِلِ [ الفَرْعِيَّةِ -] لا يَقْدَحُ، (p-٤٧٩)ونَدْبًا إلى رَفْعِ الهِمَّةِ عَنِ الخَوْضِ في شَيْءٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وحَثًّا عَلى التَّفْوِيضِ إلى عَلّامِ الغُيُوبِ، فَبَيَّنُوا الَّذِي حَمَلَهم عَلى ضَرْبِ مَشارِقِ الأرْضِ ومَغارِبِها حَتّى وجَدُوا النَّبِيَّ ﷺ يَقْرَأُ القُرْآنَ: فَقالُوا مُؤَكِّدِينَ لِأنَّ العَرَبَ كانُوا يَنْسُبُونَهم إلى عِلْمِ المُغَيَّباتِ وحَلِّ المُشْكِلاتِ: ﴿وأنّا لا نَدْرِي﴾ أيْ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ وإنْ دافَعْنا واجْتَهَدْنا ﴿أشَرٌّ﴾ ولَمّا كانَ المَحْذُورُ نَفْسَ الإرادَةِ الماضِيَةِ [ لا كَوْنُها مِن مَعْرُوفٍ مَعَ أنَّ الفاعِلَ مَعْرُوفٌ، وهو الفاعِلُ المُخْتارُ الَّذِي لَهُ الإرادَةُ الماضِيَةُ -] النّافِذَةُ، بَنَوْا لِلْمَفْعُولِ قَوْلَهُمْ: ﴿أُرِيدَ﴾ مُعَلِّمِينَ لِلْأدَبِ في أنَّ الشَّرَّ يَتَحاشى مِن إسْنادِهِ إلَيْهِ سُبْحانَهُ حَيْثُ لا إشْكالَ في مَعْرِفَةِ أنَّهُ لا يَكُونُ شَيْءٌ إلّا بِهِ ﴿بِمَن في الأرْضِ﴾ أيْ بِهَذِهِ الحِراسَةِ فَيَنْشَأُ عَنْها الغَيُّ ﴿أمْ أرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ﴾ أيِ المُحْسِنُ إلَيْهِمُ المُدَبِّرُ لَهُمْ، بَنُوهُ لِلْفاعِلِ في جانِبِ الخَيْرِ إعْلامًا مَعَ تَعْلِيمِ الأدَبِ بِأنَّ رَحْمَتَهُ سَبَقَتْ غَضَبَهُ، وإشارَةً إلى أنَّهُ قَدْ يَكُونُ أرادَ بِهَذا المَنعِ الخَيْرَ ﴿رَشَدًا﴾ أيْ سَدادًا فَيَنْشَأُ عَنْهُ الخَيْرُ، فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: ذِكْرُ الشَّرِّ أوَّلًا دَلِيلًا عَلى الخَيْرِ ثانِيًا، والرُّشْدُ ثانِيًا دَلِيلًا عَلى الغِنى أوَّلًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب