الباحث القرآني

ولَمّا كانَ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ لا يَقُولُونَ ولا يَفْعَلُونَ إلّا ما فِيهِ مَصْلَحَةُ الدِّينِ، عَلَّلَ دُعاءَهُ بِقَوْلِهِ وأكَّدَهُ إظْهارًا لِجَزْمِهِ بِاعْتِقادِ ما أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِن مَضْمُونِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إلا مَن قَدْ آمَنَ﴾ [هود: ٣٦] وإنْ كانَ ذَلِكَ خارِجًا عَنِ العادَةِ: ﴿إنَّكَ﴾ أيْ يا رَبِّ ﴿إنْ تَذَرْهُمْ﴾ أيْ تَتْرُكُهم عَلى أيِّ حالَةٍ كانَتْ في إبْقائِهِمْ سالِمِينَ عَلى وجْهِ الأرْضِ عَلى ما هم عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ والضَّلالِ والإضْلالِ ولَوْ كانَتْ حالَةً دَنِيَّةً ﴿يُضِلُّوا عِبادَكَ﴾ أيِ الَّذِينَ آمَنُوا بِي والَّذِينَ يُولَدُونَ عَلى الفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ. (p-٤٥٨)ولَمّا كانَ رُبَّما كانَ الإنْسانُ ضارًّا ووُجِدَ لَهُ ولَدٌ نافِعٌ؛ نَفى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿ولا يَلِدُوا﴾ أيْ إنْ قَدَّرْتَ بَقاءَهم في الدُّنْيا ﴿إلا فاجِرًا﴾ أيْ مارِقًا مَن كُلِّ ما يَنْبَغِي الِاعْتِصامُ بِهِ، واكْتَفى فِيهِ بِأصْلِ الفاعِلِ إشارَةً إلى أنَّ مَن جاوَزَ الحَدَّ أوْ شَرَعَ في شَيْءٍ بَعْدَهُ مِنَ التَّمادِي في الغَيِّ صارَ ذَلِكَ لَهُ دَيْدَنًا فَبالَغَ، فَلِذَلِكَ قالَ: ﴿كَفّارًا﴾ أيْ بَلِيغَ السَّتْرِ لِما يَجِبُ إظْهارُهُ مِن آياتِ اللَّهِ لِأنَّ قَوْلَكَ يا رَبِّ لا يَتَخَلَّفُ أصْلًا، والظّاهِرُ أنَّ هَذا الكَلامَ لا يَقُولُهُ إلّا عَنْ وحْيٍ كَما في سُورَةِ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلامُ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إلا مَن قَدْ آمَنَ﴾ [هود: ٣٦] فَيَكُونُ عَلى هَذا حَتّى صِغارُهم مُعَذَّبِينَ بِما يَعْلَمُ اللَّهُ مِنهم لَوْ بَلَغُوا لا بِما عَمِلُوهُ [ كَما -] قالَ ﷺ في أوْلادِ الكُفّارِ «اللَّهُ أعْلَمُ بِما كانُوا عامِلِينَ» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب