الباحث القرآني

ولَمّا كانَ هَذا الإسْراعُ عَلى هَذا الوَجْهِ لا يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ [ إلّا -] فِيما يَتَحَقَّقُ أنَّهُ مُسْعِدٌ، ومَعَ تَحَقُّقٍ أنَّهُ مُسْعِدٌ لا يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ إلّا فِيما تَحْصُلُ بِهِ السَّعادَةُ الأبَدِيَّةُ؛ قالَ مُنَبِهًا عَلى ذَلِكَ مُنْكِرًا أنْ يَكُونَ لَهم ما كانَ يَنْبَغِي ألّا يَكُونَ فِعْلُهم ذَلِكَ إلّا لَهُ مَعَ أنَّهُ كانَ مِن جُمْلَةِ اسْتِهْزائِهِمْ إذا تُحَلِّقُوا لِسَماعِ ما يَقْرَأُ أنْ يَقُولُوا: إنْ كانَ ما يَقُولُ حَقًّا مِن أمْرِ البَعْثِ والجَنَّةِ لَنَكُونُنَّ أسْعَدَ بِها مِنهم [ كَما أنا أسْعَدُ مِنهم -] في هَذِهِ الدّارِ كَما قالَ تَعالى حاكِيًا عَنْهم في قَوْلِهِ: ﴿ولَئِنْ رُجِعْتُ إلى رَبِّي إنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى﴾ [فصلت: ٥٠] وذَلِكَ أنَّهُ كَثِيرًا ما يَأْتِي الغَلَطُ مِن [ أنَّ -] الإنْسانَ يَكُونُ في خَيْرٍ في الدُّنْيا فَيَظُنُّ أنَّ ذَلِكَ مانِعٌ لَهُ مِنَ النّارِ لِأنَّهُ خَيْرٌ في نَفْسِ الأمْرِ، أوْ يَظُنُّ أنَّ إمْهالَهُ وهو عَلى الباطِلِ رَضِيَ بِهِ، ولا يَدْرِي [ أنَّهُ -] لا يَضَّجِرُ ويَقْلَقُ ويَعْجَلُ إلّا مَن يَخافُ الفَوْتَ، أوْ يَكُونُ شَيْءٌ بِغَيْرِ إرادَتِهِ: ﴿أيَطْمَعُ﴾ أيْ بِهَذا الإتْيانِ، وعَبَّرَ بِالطَّمَعِ إشارَةً إلى (p-٤١٤)أنَّهم بَلَغُوا الغايَةَ في السَّفَهِ لِكَوْنِهِمْ طَلَبُوا أعَزَّ الأشْياءِ مِن غَيْرِ سَبَبٍ تَعاطَوْهُ لَهُ. ولَمّا كانَ إتْيانُهم عَلى هَيْئَةِ التَّفَرُّقِ مِن غَيْرِ انْتِظارِ جَماعَةٍ لِجَماعَةٍ قالَ: ﴿كُلُّ امْرِئٍ مِنهُمْ﴾ أيْ عَلى انْفِرادِهِ، ولَمّا كانَ المَحْبُوبُ دُخُولَ الجَنَّةِ لا كَوْنُهُ مِن مَدْخَلٍ مُعَيَّنٍ، قالَ بانِيًا لِلْمَفْعُولِ: ﴿أنْ يُدْخَلَ﴾ أيْ بِالإهْطاعِ وهو كافِرٌ مِن غَيْرِ إيمانٍ يُزَكِّيهِ كَما يُدْخَلُ المُسْلِمُ فَيَسْتَوِي المُسِيءُ والمُحْسِنُ ﴿جَنَّةَ نَعِيمٍ﴾ أيْ لا شَيْءَ فِيها غَيْرَ النَّعِيمِ في كُلِّ ما فِيها عَلى تَقْدِيرِ ضَبْطِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب