الباحث القرآني

ثُمَّ أتْبَعَهُ - بَعْدَ تَقْدِيمِ ما يَحْتاجُ إلَيْهِ عَلى النَّظْمِ الَّذِي سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ - تَفْصِيلَ ما انْفَرَدَتْ بِهِ كُلُّ أُمَّةٍ مِنَ العَذابِ الحادِثِ عَلى سَبِيلِ الصَّوابِ، أتْبَعَ ذَلِكَ إجْمالًا آخَرَ أبْسَطَ مِنَ الأوَّلِ عَلى نَمَطٍ غَرِيبٍ دالٍّ عَلى عادَتِهِ المُسْتَمِرَّةِ وسُنَّتِهِ المُسْتَقِرَّةِ في شَرْحِ (p-١٠)حالِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ الَّذِينَ ذَكَرَهم وغَيْرِهِمْ؛ لِئَلّا يُظَنَّ أنَّ غَيْرَهم كانَ حالُهُ غَيْرَ حالِهِمْ، فَبَيَّنَ أنَّ الكُلَّ عَلى نَهْجٍ واحِدٍ وأنَّ السَّبَبَ في اسْتِئْصالِهِمْ واحِدٌ، وهو التَّكْذِيبُ والِاسْتِكْبارُ عَلى الحَقِّ، لِيَكُونَ الإجْمالُ كالضَّوابِطِ والقَواعِدِ الكُلِّيَّةِ لِتَنْطَبِقَ عَلى الجُزْئِيّاتِ، وذَلِكَ الِاسْتِبْصارُ بِما يَكُونُ مِن نافِعٍ أوْ ضارٍّ وعَدَمِ الِاغْتِرارِ بِأحْوالِ المُسْتَدْرَجِينَ الأشْرارِ مُتَكَفِّلٌ بِالتَّسْلِيَةِ لِنَبِيِّهِ [ﷺ] والتَّأْسِيَةِ، مُتَقَدِّمٌ عَلى قِصَّةِ مُوسى وهارُونَ عَلَيْهِما السَّلامُ لِطُولِها وتَعْجِيلًا بِما في ذَلِكَ مِن مَصارِعِ الإنْذارِ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما﴾ أيْ: أرْسَلْنا فُلانًا فَكانَ كَذا وفُلانًا فَكانَ كَذا، وما ﴿أرْسَلْنا﴾ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ، ﴿فِي قَرْيَةٍ﴾ أيْ: مِن قُرى أُولَئِكَ وغَيْرِهِمْ، ﴿مِن نَبِيٍّ﴾ أيْ: مِنَ الأنْبِياءِ الَّذِينَ تَقَدَّمُوكَ ﴿إلا﴾ كانَ ما نُخْبِرُ بِهِ مِن تَرْهِيبِهِمْ مِن سَطَواتِنا وهو أنّا ﴿أخَذْنا﴾ أيْ: بِعَظَمَتِنا، ﴿أهْلَها﴾ أيْ: أخْذَ قَهْرٍ وسَطْوَةٍ، أيْ: لِأجْلِ اسْتِكْبارِهِمْ عَنِ الحَقِّ، ﴿بِالبَأْساءِ﴾ أيْ: قَهْرِ الرِّجالِ ﴿والضَّرّاءِ﴾ أيِ: المَرَضِ والفَقْرِ، ﴿لَعَلَّهم يَضَّرَّعُونَ﴾ أيْ: لِيَكُونَ حالُهم عِنْدَ المَساءَةِ حالَ مَن يُرْجى تَضَرُّعُهُ وتَذَلُّلُهُ وتَخَضُّعُهُ لِمَن لا يَكْشِفُ ذَلِكَ عَنْهُ غَيْرُهُ ولَوْ كانَ التَّضَرُّعُ في أدْنى المَراتِبِ - عَلى ما أشارَ إلَيْهِ الإدْغامُ - لِأنَّ ذَلِكَ كافٍ في (p-١١)الإنْقاذِ مِن عَذابِ الإنْذارِ الَّذِي هَذِهِ سَوْرَتُهُ بِخِلافِ ما مَضى في الأنْعامِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب