الباحث القرآني

ولَمّا أبْهَمَ الفاحِشَةَ لِيَحْصُلَ التَّشَوُّفُ إلى مَعْرِفَتِها، عَيَّنَها في اسْتِفْهامٍ آخَرَ كالأوَّلِ في إنْكارِهِ وتَوْبِيخِهِ لِيَكُونَ أدَلَّ عَلى تَناهِي الزَّجْرِ عَنْها، فَقالَ: ﴿إنَّكم لَتَأْتُونَ الرِّجالَ﴾ أيْ: تَغْشَوْنَهم غَشَيانَ النِّساءِ. ولَمّا أبْقى لِلتَّشَوُّفِ مَجالًا، عَيَّنَ بِقَوْلِهِ: ﴿شَهْوَةً﴾ أيْ: مُشْتَهِينَ، أوْ لِأجْلِ الشَّهْوَةِ، لا حامِلَ لَكم عَلى ذَلِكَ إلّا الشَّهْوَةُ كالبَهائِمِ الَّتِي لا داعِيَ لَها مِن جِهَةِ العَقْلِ وصَرَّحَ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن دُونِ النِّساءِ﴾ فَلَمّا لَمْ يَدَعْ لَبْسًا، وكانَ هَذا رُبَّما أوْهَمَ إقامَةَ عُذْرٍ لَهم في عَدَمِ وِجْدانِ النِّساءِ أوْ عَدَمِ كِفايَتِهِنَّ لَهم - أضْرَبَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿بَلْ أنْتُمْ قَوْمٌ﴾ ولَمّا كانَ مَقْصُودُ هَذِهِ السُّورَةِ الإنْذارَ كانَ الألْيَقُ بِهِ الإسْرافَ الَّذِي هو غايَةُ الجَهْلِ المَذْكُورِ في سُورَةِ النَّمْلِ، فَقالَ: ﴿مُسْرِفُونَ﴾ أيْ: لَمْ يَحْمِلْكم عَلى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ لِشَهْوَةٍ تَدَّعُونَها، بَلْ اعْتِيادُ المُجاوَزَةِ لِلْحُدُودِ، ولَمْ يُسَمِّ قَوْمَ لُوطٍ في سُورَةٍ مِنَ السُّورِ كَما سُمِّيَتْ عادٌ وثَمُودُ وغَيْرُهم صَوْنًا لِلْكَلامِ عَنْ تَسْمِيَتِهِمْ، وأمّا قَوْمُ نُوحٍ فَإنَّما لَمْ يُسَمَّوْا لِعَدَمِ تَفَرُّقِ القَبائِلِ إذْ ذاكَ، فَكانُوا لِذَلِكَ جَمِيعَ أهْلِ الأرْضِ ولِذا عَمَّهم الغَرَقُ - واللَّهُ أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب