الباحث القرآني

ولَمّا حَصَلَ الِالتِفاتُ إلى جَوابِهِمْ، قِيلَ: ﴿قالَ المَلأُ﴾ أيْ: الأشْرافُ، وبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ أيْ: أوْقَعُوا الكِبْرَ واتَّصَفُوا بِهِ فَصارَ لَهم خُلُقًا فَلَمْ يُؤْمِنُوا؛ ونَبَّهَ عَلى التَّأْسِيَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن قَوْمِهِ﴾ ولَمّا قالَ: ﴿لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾ كانَ رُبَّما فُهِمَ أنَّهم آمَنُوا كُلُّهم، فَنَفى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مُبْدِلًا مِنهُ: ﴿لِمَن آمَنَ مِنهُمْ﴾ أيْ: المُسْتَضْعَفِينَ، فَهو أوْقَعُ في النَّفْسِ وأرْوَعُ لِلْجَنانِ مِنَ البَيانِ في أوَّلِ وهْلَةٍ مَعَ الإشارَةِ إلى أنَّ أتْباعَ الحَقِّ هم الضُّعَفاءُ، وأنَّهُ لَمْ يُؤْمِن إلّا بَعْضُهم، فَفِيهِ إيماءٌ إلى أنَّ الضَّعْفَ أجَلُّ النِّعَمِ لِمُلازَمَتِهِ لِطَرْحِ النَّفْسِ المُؤَدِّي إلى الإذْعانِ لِلْحَقِّ، وبِناؤُهُ لِلْمَفْعُولِ دَلِيلٌ عَلى أنَّهم في غايَةِ الضَّعْفِ بِحَيْثُ يَسْتَضْعِفُهم كُلُّ أحَدٍ ﴿أتَعْلَمُونَ﴾ أيْ: بَدَأُوهم بِالإنْكارِ صَدًّا لَهم عَنِ الإيمانِ ﴿أنَّ صالِحًا﴾ سَمَّوْهُ بِاسْمِهِ جَفاءً وغِلْظَةً وإرْهابًا لِلْمَسْؤُولِينَ لِيُجِيبُوهم بِما يُرْضِيهِمْ ﴿مُرْسَلٌ مِن رَبِّهِ﴾ وكَأنَّهم قالُوهُ لِيَعْلَمُوا حالَهم فَيَبْنُوا عَلَيْهِ ما يَفْعَلُونَهُ؛ لِأنَّ المُسْتَكْبِرِينَ لا يَتِمُّ لَهم كِبْرُهم إلّا بِطاعَةِ المُسْتَضْعَفِينَ. ولَمّا عَلِمُوا ذَلِكَ مِنهم، أعْلَمُوهم بِالمُنابَذَةِ اعْتِمادًا عَلى الكَبِيرِ المُتَعالِ (p-٤٤٧)الَّذِي يَضْمَحِلُّ كُلُّ كِبْرٍ عِنْدَهُ ولا يُعَدُّ لِأحَدٍ أمْرٌ مَعَ أمْرِهِ بِأنْ ﴿قالُوا﴾ مُنَبِّهِينَ لَهم عَلى غِلْظَتِهِمْ وغَلَطِهِمْ في تَوَسُّمِهِمْ في حالِهِمْ مُعَبِّرِينَ بِما دَلَّ عَلى العِلْمِ بِذَلِكَ والإذْعانِ لَهُ ﴿إنّا بِما أُرْسِلَ بِهِ﴾ وبُنِيَ لِلْمَفْعُولِ إشارَةً إلى تَعْمِيمِ التَّصْدِيقِ وإلى أنَّ كَوْنَهُ مِن عِنْدِ اللَّهِ أمْرٌ مَقْطُوعٌ بِهِ لا يَحْتاجُ إلى تَعْيِينٍ ﴿مُؤْمِنُونَ﴾ أيْ: غَرِيقُونَ في الإيمانِ بِهِ؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب