الباحث القرآني

﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا﴾ أيْ: تَكَلَّفُوا غَيْرَ ما دَلَّهم عَلَيْهِ العَقْلُ الفِطْرِيُّ حِينَ نَبَّهَ بِالعَقْلِ الشَّرْعِيِّ بِأنْ أخَذُوا ﴿دِينَهُمْ﴾ بَعْدَ ما مَحَقُوا صُورَتَهُ وحَقِيقَتَهُ كَما يُمْحَقُ الطِّينُ إذا اتَّخَذْتَهُ خَزَفًا فَصارَ الدِّينُ ﴿لَهْوًا﴾ أيْ: اشْتِغالًا بِما مِن شَأْنِهِ أنْ يُغْفِلَ ويُنْسِيَ عَنْ كُلِّ ما يَنْفَعُ مِنَ الأُمُورِ المُعْجِبَةِ لِلنَّفْسِ مِن غَيْرِ نَظَرٍ في عاقِبَةٍ، فَجُوزُوا مِن جِنْسِ عَمَلِهِمْ بِأنْ لَمْ يُنْظَرْ لَهم في إصْلاحِ العاقِبَةِ. ولَمّا قَدَّمَ ما هو أدْعى إلى الِاجْتِماعِ عَلى الباطِلِ الَّذِي هو ضِدُّ مَقْصُودِ السُّورَةِ مِنَ الِاجْتِماعِ عَلى الجِدِّ وأدْعى إلى الغَفْلَةِ، وكانَ مِن شَأْنِ الغَفْلَةِ عَنِ الخَيْرِ أنْ تَجُرَّ إلى اسْتِجْلابِ الأفْراحِ والِانْهِماكِ في الهَوى - حَقَّقَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿ولَعِبًا﴾ أيْ: إقْبالًا عَلى ما يَجْلِبُ السُّرُورَ ويَقْطَعُ الوَقْتَ الحاضِرَ بِالغُرُورِ؛ ولِذَلِكَ أتْبَعَهُ قَوْلَهُ: ﴿وغَرَّتْهُمُ﴾ أيْ: في فِعْلِ ذَلِكَ ﴿الحَياةُ الدُّنْيا﴾ أيْ: بِما فِيها مِنَ الأعْراضِ الزّائِلَةِ مِن تَأْمِيلِ طُولِ العُمْرِ والبَسْطِ في الرِّزْقِ ورَغَدِ العَيْشِ حَتّى صارُوا بِذَلِكَ مَحْجُوبِينَ عَنْ نَظَرِ مَعانِيها وعَمّا دَعا إلَيْهِ تَعالى مِنَ الإعْراضِ عَنْها فَلَمْ يَحْسِبُوا حِسابَ ما وراءَها. ولَمّا كانَ تَرْكُهم مِن رَحْمَتِهِ - سُبْحانَهُ - مُؤَبَّدًا، أسْقَطَ الجارَّ ﴿فاليَوْمَ﴾ أيْ: فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ أنَّ في هَذا اليَوْمِ ﴿نَنْساهُمْ﴾ (p-٤١٠)أيْ: نَتْرُكُهم تَرْكَ المَنسِيِّ ﴿كَما﴾ فَعَلُوا هم بِأنْفُسِهِمْ بِأنْ ﴿نَسُوا﴾ أيْ: تَرَكُوا ﴿لِقاءَ يَوْمِهِمْ هَذا﴾ فَلَمْ يُعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ ﴿وما﴾ أيْ: وكَما ﴿كانُوا﴾ أيْ: جِبِلَّةً وطَبْعًا ﴿بِآياتِنا﴾ عَلى ما لَها مِنَ العَظَمَةِ بِنِسْبَتِها إلَيْنا ﴿يَجْحَدُونَ﴾ أيْ: يُنْكِرُونَ وهم يَعْرِفُونَ حَقِيقَتَها لِأنَّها في غايَةِ الظُّهُورِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب