الباحث القرآني

ثُمَّ فَسَّرَ جَزاءَ الكُلِّ فَقالَ: ﴿لَهم مِن جَهَنَّمَ مِهادٌ﴾ أيْ: فَرْشٌ مِن تَحْتِهِمْ، جَمْعُ مِهْدٍ، ولَعَلَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ لِأنَّ المِهادَ كالصَّرِيخِ فِيهِ ﴿ومِن فَوْقِهِمْ غَواشٍ﴾ أيْ: أغْطِيَةٌ - جَمْعُ غاشِيَةٍ - تُغْشِيهِمْ مِن جَهَنَّمَ. وصَرَّحَ في هَذا بِالفَوْقِيَّةِ لِأنَّ الغاشِيَةَ رُبَّما كانَتْ عَنْ يَمِينٍ أوْ شِمالٍ، أوْ كانَتْ بِمَعْنى مُجَرَّدِ الوُصُولِ والإدْراكِ، ولَعَلَّهُ إنَّما حَذَفَ الأوَّلَ لِأنَّ الآيَةَ مِنَ الِاحْتِباكِ، فَذَكَرَ جَهَنَّمَ أوَّلًا دَلِيلًا عَلى إرادَتِها ثانِيًا، وذَكَرَ الفَوْقَ ثانِيًا دَلِيلًا عَلى إرادَةِ التَّحْتِ أوَّلًا. (p-٤٠١)ولَمّا كانَ بَعْضُهم رُبَّما لا تَكُونُ لَهُ أهْلِيَّةُ قَطْعٍ ولا وصْلٍ، قالَ عامًّا لِجَمِيعِ أنْواعِ الضَّلالِ: ﴿وكَذَلِكَ﴾ أيْ: ومِثْلُ ذَلِكَ الجَزاءِ ﴿نَجْزِي الظّالِمِينَ﴾ لِيُعْرَفَ أنَّ المَدارَ عَلى الوَصْفِ، والمُجْرِمُ: المُذْنِبُ ومادَّتُهُ تَرْجِعُ إلى القَطْعِ، والظّالِمُ: الواضِعُ لِلشَّيْءِ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ كَفِعْلِ مَن يَمْشِي في الظَّلامِ، يَجُوزُ أنْ يَكُونَ نَبَّهَ سُبْحانَهُ بِتَغايُرِ الأوْصافِ عَلى تَلازُمِها، فَمَن كانَ ظالِمًا لَزِمَهُ الإجْرامُ والتَّكْذِيبُ والِاسْتِكْبارُ وبِالعَكْسِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب