الباحث القرآني
(p-٣٩٣)ولَمّا كانَ اسْتِشْرافُ النَّفْسِ إلى السُّؤالِ عَمّا يَكُونُ بَعْدَ حِينِ المُسْتَقَرِّ والمَتاعِ أشَدَّ مِن اسْتِشْرافِها إلى هَذا لِكَوْنِهِ أخْفى مِنهُ، فَهو أبْعَدُ مِن خُطُورِهِ في البالِ - قَدَّمَ قَوْلَهُ: ﴿قالَ فِيها تَحْيَوْنَ﴾ [الأعراف: ٢٥] ولَمّا كانَ ذِكْرُ الدَّواءِ لِداءِ هَتْكِ السَّوْءَةِ أهَمَّ قَدَّمَ ﴿أنْـزَلْنا عَلَيْكم لِباسًا﴾ [الأعراف: ٢٦] ثُمَّ ما بَعْدَهُ حَتّى كانَ الأنْسَبُ بِهَذِهِ الآيَةِ هَذا المَوْضِعُ فَنُظِمَتْ فِيهِ.
ولَمّا تَقَدَّمَتْ الإشارَةُ إلى الحَثِّ عَلى اتِّباعِ الرُّسُلِ بِآياتِ المَقْصِدِ الأوَّلِ مِن مَقاصِدِ هَذِهِ السُّورَةِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كِتابٌ أُنْـزِلَ إلَيْكَ﴾ [الأعراف: ٢] و﴿لِتُنْذِرَ﴾ [الأعراف: ٢] و﴿اتَّبِعُوا ما أُنْـزِلَ إلَيْكُمْ﴾ [الأعراف: ٣] وقَوْلِهِ ﴿فَلَنَسْألَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ﴾ [الأعراف: ٦] وقَوْلِهِ ﴿قُلْ أمَرَ رَبِّي بِالقِسْطِ﴾ [الأعراف: ٢٩] ﴿إنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الفَواحِشَ﴾ [الأعراف: ٣٣] والتَّحْذِيرِ مِنَ الشَّياطِينِ بِقَوْلِهِ ﴿ولا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أوْلِياءَ﴾ [الأعراف: ٣] وبِقَوْلِهِ ﴿لأقْعُدَنَّ لَهم صِراطَكَ المُسْتَقِيمَ﴾ [الأعراف: ١٦] ﴿لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ﴾ [الأعراف: ٢٧] وغَيْرِهِ - فَتَحَرَّرَ أنَّهُ لا سَبِيلَ إلى النَّجاةِ إلّا بِالرُّسُلِ، وخَتَمَ ذَلِكَ بِالأجَلِ حَثًّا عَلى العَمَلِ في أيّامِ المُهْلَةِ -أتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلَهُ حاثًّا عَلى التَّعَلُّقِ بِأسْبابِ النَّجاةِ بِاتِّباعِ الدُّعاةِ الهُداةِ قَبْلَ الفَوْتِ بِحادِثِ المَوْتِ بِبَيانِ الجَزاءِ لِمَن أحْسَنَ الِاتِّباعَ في الدّارَيْنِ ﴿يا بَنِي آدَمَ﴾ .
ولَمّا كانَ لَهُ - سُبْحانَهُ - أنْ يُعَذِّبَ مَن خالَفَ داعِيَ العَقْلِ مِن غَيْرِ إرْسالِ رَسُولٍ، وكانَ إرْسالُ الرُّسُلِ جائِزًا لَهُ وفَضْلًا مِنهُ - سُبْحانَهُ - إذْ (p-٣٩٤)لا يُوجَبُ عَلَيْهِ - أشارَ إلى ذَلِكَ بِحَرْفِ الشَّكِّ فَقالَ: ﴿إمّا﴾ هي إنْ، الشَّرْطِيَّةُ وُصِلَتْ بِها ما تَأْكِيدًا ﴿يَأْتِيَنَّكم رُسُلٌ﴾ ولَمّا كانَتْ زِيادَةُ الخِبْرَةِ بِالرَّسُولِ أقْطَعُ لِلْعُذْرِ وأقْوى في الحُجَّةِ قالَ: ﴿مِنكُمْ﴾ أيْ: مِن نَوْعِكم مِن عِنْدِ رَبِّكم.
[ولَمّا كانَ الأغْلَبُ عَلى مَقْصِدِ هَذِهِ السُّورَةِ العِلْمُ كَما تَقَدَّمَ في ﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وما كُنّا غائِبِينَ﴾ [الأعراف: ٧] ويَأْتِي في: ﴿ولَقَدْ جِئْناهم بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ﴾ [الأعراف: ٥٢] وغَيْرِها، كانَ التَّعْبِيرُ بِالقَصِّ - الَّذِي هو تَتَبُّعُ الأثَرِ كَما تَقَدَّمَ في الأنْعامِ - ألْيَقَ فَقالَ]: ﴿يَقُصُّونَ عَلَيْكم آياتِي﴾ أيْ: يُتابِعُونَ ذِكْرَها لَكم عَلى وجْهٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، ويَتَّبِعُ بَعْضُهم بِها أثَرَ بَعْضٍ لا يَتَخالَفُونَ في أصْلٍ واحِدٍ مِنَ الأُصُولِ.
ولَمّا كانَ لِقاءُ الرُّسُلِ حَتْمًا والهِجْرَةُ إلَيْهِمْ واجِبَةً لِأنَّ العَمَلَ لا يُقْبَلُ إلّا بِالِاسْتِنادِ إلَيْهِمْ مَهْما وُجِدَ إلى ذَلِكَ سَبِيلٌ - رَبَطَ الجَزاءَ بِالفاءِ فَقالَ: ﴿فَمَنِ اتَّقى﴾ أيْ: خافَ مَقامِي وخافَ وعِيدِي بِسَبَبِ التَّصَدُّقِ بِالرُّسُلِ والتَّلَقِّي عَنْهم ﴿وأصْلَحَ﴾ أيْ: عَمِلَ صالِحًا بِاقْتِفاءِ آثارِهِمْ ﴿فَلا خَوْفٌ﴾ أيْ: غالِبٌ ﴿عَلَيْهِمْ﴾ أيْ: بِسَبَبِ ذَلِكَ مِن شَيْءٍ يَتَوَقَّعُونَهُ ﴿ولا هُمْ﴾ أيْ: بِضَمائِرِهِمْ ﴿يَحْزَنُونَ﴾ أيْ: يَتَجَدَّدُ لَهم في وقْتٍ ما حُزْنٌ عَلى شَيْءٍ فاتَهم؛ لِأنَّ اللَّهَ يُعْطِيهِمْ ما يُقِرُّ بِهِ أعْيُنَهم، وكَأنَّهُ غايَةٌ في التَّعْبِيرِ لِأنَّ إجْلالَهم لِلَّهِ تَعالى وهَيْبَتَهم لَهُ يُمْكِنُ أنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِما خَوْفٌ.
{"ayah":"یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ إِمَّا یَأۡتِیَنَّكُمۡ رُسُلࣱ مِّنكُمۡ یَقُصُّونَ عَلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتِی فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق