الباحث القرآني

ولَمّا كانَ هَذا تَشَوَّفَ السّامِعُ إلى جَوابِهِما، فَأُجِيبُ بِقَوْلِهِ: ﴿قالا﴾ أيْ: آدَمُ وحَوّاءُ - عَلَيْهِما السَّلامُ وأزْكى التَّحِيَّةُ والإكْرامُ [قَوْلَ الخَواصِّ بِإسْراعِهِما في التَّوْبَةِ] ﴿رَبَّنا﴾ أيْ: أيُّها المُحْسِنُ إلَيْنا والمُنْعِمُ عَلَيْنا ﴿ظَلَمْنا أنْفُسَنا﴾ أيْ: ضَرَرْناها بِأنْ أخْرَجْناها مِن نُورِ الطّاعَةِ إلى ظَلامِ المَعْصِيَةِ، فَإنْ لَمْ تَرْجِعْ بِنا وتَتُبْ عَلَيْنا لَنَسْتَمِرَّ عاصِيَيْنِ ﴿وإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا﴾ أيْ: تَمْحُو ما عَمِلْناهُ عَيْنًا وأثَرًا ﴿وتَرْحَمْنا﴾ فَتُعْلِي دَرَجاتِنا ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ فَأعْرَبَتْ الآيَةُ عَنْ أنَّهُما فَزِعا إلى الِانْتِصابِ بِالِاعْتِرافِ، وسَمَّيا ذَنْبَهُما - وإنْ كانَ إنَّما هو خِلافُ (p-٣٧٦)الأوْلى؛ لِأنَّهُ بِطَرِيقِ النِّسْيانِ كَما في (طَهَ) - ظُلْمًا كَما هي عادَةُ الأكابِرِ في اسْتِعْظامِ الصَّغِيرِ مِنهم، ولَمْ يُجادِلا كَما فَعَلَ إبْلِيسُ، وفي ذَلِكَ إشارَةٌ إلى أنَّ المُبادَرَةَ إلى الإقْرارِ بِالذَّنْبِ مِن فِعالِ الأشْرافِ لِكَوْنِهِ مِن مَعالِي الأخْلاقِ، وأنَّهُ لا مَثِيلَ لَهُ في اقْتِضاءِ العَفْوِ وإزالَةِ الكَدَرِ وأنَّ الجِدالَ مِن فِعالِ الأرْذالِ ومِن مَساوِي الأخْلاقِ ومُوجِباتِ الغَضَبِ المُقْتَضِي لِلطَّرْدِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب