الباحث القرآني

(p-٣٧٤)ولَمّا أخْبَرَ بِبَعْضِ وسْوَسَتِهِ لَهُما سَبَّبَ عَنْها تَرْجَمَتَها بِأنَّها إهْباطٌ مِن أوْجِ شَرَفٍ إلى حَضِيضِ أذًى وسَرَفٍ، فَقالَ: ﴿فَدَلاهُما﴾ أيْ: أنْزَلَهُما عَمّا كانا فِيهِ مِن عُلُوِّ الطّاعَةِ [مِثْلَ ما فَعَلَ بِنَفْسِهِ بِالمَعْصِيَةِ الَّتِي أوْجَبَتْ لَهُ الهُبُوطَ مِن دارِ الكَرامَةِ] ﴿بِغُرُورٍ﴾ أيْ: بِخِداعٍ وحِيلَةٍ حَتّى نَسِيَ آدَمُ عَهْدَ رَبِّهِ، وقَوْلُهُ ﴿فَلَمّا ذاقا﴾ مُشِيرٌ إلى الإسْراعِ في الجَزاءِ بِالفاءِ، والذَّوْقُ الَّذِي هو مَبْدَأُ الأكْلِ ﴿الشَّجَرَةَ﴾ أيْ: وجَدا طَعْمَها ﴿بَدَتْ﴾ أيْ: ظَهَرَتْ ﴿لَهُما سَوْآتُهُما﴾ أيْ: عَوْراتُهُما اللّاتِي يَسُوؤُهُما ظُهُورُها، وتَهافَتَ عَنْهُما لِباسُهُما فَأبْصَرَ كُلُّ واحِدٍ ما كانَ مَسْتُورًا عَنْهُ مِن عَوْرَةِ الآخَرِ، وذَلِكَ قَصْدُ الحَسُودِ فاسْتَحْيَيا عِنْدَ ذَلِكَ ﴿وطَفِقا﴾ أيْ: شَرَعا وأقْبَلا ﴿يَخْصِفانِ عَلَيْهِما﴾ أيْ: يَصِلانِ بِالخِياطَةِ ﴿مِن ورَقِ الجَنَّةِ﴾ ورَقَةً الى أُخْرى ﴿وناداهُما رَبُّهُما﴾ أيْ: المُحْسِنُ إلَيْهِما بِأمْرِهِما ونَهْيِهِما، ولَمْ يَفْعَلا شَيْئًا مِن ذَلِكَ إلّا بِمَرْأًى مِنهُ، فَقالَ مُنْكِرًا عَلَيْهِما ما فَعَلا ومُعاتِبًا: يا عَبْدَيَّ ﴿ألَمْ أنْهَكُما﴾ أيْ: أجْعَلْ لَكُما نِهايَةً فِيما أُذِنَ لَكُما فِيهِ مُتَجاوِزَةً ﴿عَنْ تِلْكُما الشَّجَرَةِ﴾ أيْ: الَّتِي كانَ حَقُّها البُعْدُ مِنها، المُوجِبَةُ لِلْقُرْبَةِ مِن هَذا المَوْضِعِ الشَّرِيفِ إحْسانًا إلَيْكُما ﴿وأقُلْ لَكُما إنَّ الشَّيْطانَ﴾ أيْ: الَّذِي تَكَبَّرَ عَنِ السُّجُودِ حَسَدًا لَكَ يا آدَمُ ونَفاسَهً عَلَيْكَ، فاحْتَرَقَ (p-٣٧٥)بِغَضَبِي فَطُرِدَ وأُبْعِدَ عَنْ رَحْمَتِي ﴿لَكُما﴾ أيْ: لَك ولِزَوْجِكَ ولِكُلِّ مَن تَفَرَّعَ مِنكُما ونُسِبَ إلَيْكُما ﴿عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ ظاهِرُ العَداوَةِ يَأْتِيكم مِن كُلِّ مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ الإتْيانُ مِنهُ مُجاهَرَةً ومُساتَرَةً ومُماكَرَةً فَهو مَعَ ظُهُورِ عَداوَتِهِ دَقِيقُ المَكْرِ بِما أقْدَرْتُهُ عَلَيْهِ مِن إقامَةِ الأسْبابِ، فَإنِّي أعْطَيْتُهُ قُوَّةً عَلى [الكَيْدِ، وأعْطَيْتُكم قُوَّةً عَلى الكَيْدِ وأعْطَيْتُكم قُوَّةً عَلى] الخَلاصِ وقُلْتُ لَكم: تَغالَبُوا فَإنْ غَلَبْتُمُوهُ فَأنْتُمْ مِن حِزْبِي، وإنْ غَلَبَكم فَأنْتُمْ مِن حِزْبِهِ مَعَ ما لَهُ إلَيْكم مِنَ العَداوَةِ، فالآيَهُ مُنَبَّهَةٌ عَلى أنَّ مَن غَوى فَإنَّما هو تابِعٌ لَأعْدى أعْدائِهِ تارِكٌ لِأوْلى أوْلِيائِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب