الباحث القرآني

ولَمّا كانَ مَعْنى قَوْلِهِمْ هَذا أنَّ ما يَقُولُهُ تَخالِيطُ مَن يَصْرَعُ بِالجِنِّ، أكَّدَ بِقَصْرِ القَلْبِ قَوْلُهُ مُعْجَبًا مِنهم ﴿وما﴾ أيْ والحالُ أنَّ هَذا القُرْآنَ أوِ الرَّسُولَ ﷺ ما ﴿هُوَ إلا ذِكْرٌ﴾ أيْ مَوْعِظَةٌ وشَرَفٌ ﴿لِلْعالَمِينَ﴾ أيْ كُلِّهِمْ عالِيهِمْ ودانِيهِمْ لَيْسَ مِنهم أحَدٌ إلّا وهو يَعْلَمُ أنَّهُ لا شَيْءَ يُشْبِهُهُ في جَلالَةِ مَعانِيهِ وحَلاوَةِ ألْفاظِهِ وعَظْمَةِ سَبْكِهِ ودِقَّةِ فَهْمِهِ ورِقَّةِ حَواشِيهِ وجَزالَةِ نُظُومِهِ، ويَفْهَمُ مِنهُ عَلى حَسَبِ ما هَيَّأهُ اللَّهُ لَهُ لِيُناسِبَ عُمُومَ ذِكْرِيَّتِهِ عُمُومَ الرِّسالَةِ لِلْمُرْسَلِ بِهِ، وكُلُّ ما فِيهِ مِن وعْدٍ ووَعِيدٍ وأحْكامٍ ومَواعِظَ شامِلٌ لَهم كُلُّهُمْ، فَوَجَبَتِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مُسْلِمِهِمْ ومُجْرِمِهِمْ لِتَصْدُقَ أقْوالُهُ فَيَكْمُلُ جَلالُهُ وجَمالُهُ فَقَدْ رَجَعَتْ خاتِمَتُها - كَما تَرى - عَلى فاتِحَتِها بِالنُّونِ والقَلَمِ وما يَسْطُرُونَ مِن هَذا الذِّكْرِ، وسَلَبَ ما قالُوا فِيهِ مِنَ الجُنُونِ والإقْسامِ عَلى الخَلْقِ العَظِيمِ الَّذِي هو هَذا الذِّكْرُ الحَكِيمُ، ونَبَّهَ كَوْنَهُ ذِكْرًا لِجَمِيعِ الخَلْقِ بِما فِيهِ مِنَ الوَعْدِ والوَعِيدِ عَلى أنَّهُ لا بُدَّ مِنَ الحاقَّةِ وهي القِيامَةُ لِيَظْهَرَ فِيها تَأْوِيلُهُ وإجْمالُهُ وتَفْصِيلُهُ، ويَتَّضِحُ غايَةَ الِاتِّضاحِ سَبِيلُهُ، (p-٣٣٧)وتَحِقُّ فِيها حَقائِقُهُ وتَظْهَرُ جَلائِلُهُ ودَقائِقُهُ بِما يَقَعُ مِنَ الحِسابِ، ويَتَبَيَّنُ غايَةَ البَيانِ ويَظْهَرُ الخَطَأُ مِنَ الصَّوابِ - واللَّهُ الهادِي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب