الباحث القرآني
ولَمّا انْتَفى جَمِيعَ ذَلِكَ فَثَبَتَ أنَّهم عَلى خَطَرٍ عَظِيمٍ، وأنَّهُ سُبْحانَهُ المُخْتَصُّ بِعِلْمِ الغَيْبِ، وقَدْ أخْبَرَ بِإهْلاكِهِمْ مِن أجْلِهِ ﷺ، وأنَّ كُفْرَ مَن كَفَرَ وإيمانَ مَن آمَنَ بِقَضائِهِ وتَقْدِيرِهِ، فَكّانَ لا بُدَّ مِنهُما، كانَ ذَلِكَ سَبَبًا حامِلًا لَهُ [ عَلى -] الصَّبْرِ إلى الوَقْتِ الَّذِي ضَرَبَهُ سُبْحانَهُ لِلْفَرَجِ، فَقالَ مُسَبِّبًا عَمّا تَقْدِيرُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِمّا ذَكَرَ، وإنَّما هو القَضاءُ والقَدَرُ: ﴿فاصْبِرْ﴾ أيْ أوْفَرَ الصَّبْرِ وأوْجَدَهُ عَلى كُلِّ ما يَقُولُونَ فِيكَ وعَلى غَيْرِ ذَلِكَ مِن كُلِّ ما يَقَعُ مِنهم ومِن غَيْرِهِ مِن مُرِّ القَضاءِ والقَدَرِ ﴿لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ أيْ لِلْقَضاءِ الَّذِي قَضاهُ وقَدَّرَهُ (p-٣٣١)المُحْسِنُ إلَيْكَ الَّذِي أكْرَمَكَ [ بِما أكْرَمَكَ بِهِ مِنَ الرِّسالَةِ وألْزَمَكَ بِما ألْزَمَكَ مِنَ البَلاغِ وخَذَلَهم بِالتَّكْذِيبِ -] ومَدَّ لَهم عَلى ذَلِكَ في الآجالِ وأوْسَعَ عَلَيْهِمُ النِّعَمَ وأخَّرَ ما وعَدَكَ بِهِ مِنَ النَّصْرِ.
ولَمّا كانَ حاصِلُ قِصَّةِ يُونُسَ - عَلى نَبِيِّنا عَلَيْهِ أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ - أنَّهُ اسْتَثْقَلَ الكَرامَةَ بِالرِّسالَةِ لِما فِيها مِنَ الأُمُورِ الشَّدِيدَةِ مِن مُعالَجَةِ الخَلْقِ فامْتُحِنَ، كانَ سَبَبًا لِقَبُولِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ كانَ سَبَبُ إسْلامِ قَوْمِهِ إدْناءَ العَذابِ مِنهم وتَقْرِيبَ غَشَيانِهِ لَهُمْ، أشارَ [ لَهُ -] بِقِصَّتِهِ إلى أنَّهُ يُرادُ إعْلاؤُهُ ﷺ وعَلى سائِرِ الأنْبِياءِ - وإعْلاءُ أُمَّتِهِ عَلى سائِرِ الأُمَمِ بِما يَحْتاجُ إلى صَبْرٍ [ عَلى -] ما يَسْتَثْقِلُ مِن ضُرٍّ أوْ أمْرٍ شَدِيدٍ مَرَّ فَقالَ: ﴿ولا تَكُنْ﴾ أيْ ولا يَكُنْ حالُكَ في الضَّجَرِ والعَجَلَةِ إلى غَيْرِ ذَلِكَ. ولَمّا كانَ قَدِ افْتَتَحَ السُّورَةَ بِالنُّونِ الَّذِي مِن مَدْلُولاتِهِ الحُوتُ، عَبَّرَ بِهِ هُنا تَحْقِيقًا لِإرادَتِهِ فَقالَ: ﴿كَصاحِبِ﴾ أيْ كَحالِ صاحِبِ ﴿الحُوتِ﴾ وهو يُونُسُ بْنُ مَتّى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ﴿إذْ﴾ أيْ حِينَ، والعامِلُ في هَذا الظَّرْفِ المُضافِ المَحْذُوفِ مِنَ الحالِ ونَحْوِها، أوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: لا يَكُنْ حالُكَ كَحالِهِ يَحْصُلُ لَكَ [ مِثْلُ -] ما حَصَلَ لَهُ حِينَ ﴿نادى﴾ أيْ رَبَّهُ (p-٣٣٢)المُرَبِّي لَهُ بِإحْسانِهِ في الظُّلُماتِ مِن بَطْنِ الحُوتِ وظُلْمَةِ ما يُحِيطُ بِهِ مِنَ الجَثَّةِ وظُلْمَةٍ لِحَجِّ البِحارِ ﴿وهُوَ﴾ أيْ والحالُ أنَّهُ عِنْدَ نِدائِهِ ﴿مَكْظُومٌ﴾ أيْ مَمْلُوءٌ كَرْبًا وهَمًّا وشِدَّةً وغَمًّا مَحْمُولٌ عَلى السُّكُوتِ بِبَطْنِهِ فَهو لا يَنْطِقُ مِن شِدَّةِ حُزْنِهِ، ومَحْبُوسٌ عَنْ جَمِيعِ ما يُرِيدُ مِنَ التَّصَرُّفِ إلى أنْ ألْجَأهُ سُبْحانَهُ بِذَلِكَ إلى الدُّعاءِ والتَّضَرُّعِ، مِنَ الكَظْمِ، وهو السُّكُوتُ عَنِ امْتِلاءٍ وتَجَرُّعٍ لِلْمَراراتِ، ومِن هَذا كَظَمْتَ السِّقاءَ أيْ شَدَدَتْهُ ومَلَأتْهُ فَكانَ مَكْظُومًا، والمَكْظُومُ: المَكْرُوبُ - كَأنَّهُ قَدْ أخَذَ بِكَظْمِهِ وهو مُخْرِجٌ نَفْسَهُ.
{"ayah":"فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ ٱلۡحُوتِ إِذۡ نَادَىٰ وَهُوَ مَكۡظُومࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق