الباحث القرآني

ولَمّا كانَ هَذا الإقْرارُ زائِدًا في ضَرَرِهِمْ، وإنَّما كانَ يَكُونُ نافِعًا لَهم لَوْ قالُوهُ في دارِ العَمَلِ ونَدِمُوا عَلَيْهِ وأقْلَعُوا عَنْهُ، سَبَّبَ عَنْهُ قَوْلُهُ ضامًّا - إلى ما تَقَدَّمَ مِن تَعْذِيبِ أرْواحِهِمْ بِمَقْتِ المَلائِكَةِ لَهم ثُمَّ مَقْتِهِمْ (p-٢٣٩)لِأنْفُسِهِمْ - مَقْتَ اللَّهُ لَهُمْ: ﴿فاعْتَرَفُوا﴾ أيْ بالَغُوا جامِعِينَ إلى مَقْتِ اللَّهِ ومَلائِكَتِهِ لَهم مَقْتَهم لِأنْفُسِهِمْ في الِاعْتِرافِ وهو الإقْرارُ عَنْ مَعْرِفَةٍ. ولَمّا كانَ الَّذِي أوْرَدَهُمُ المَهالِكَ هو الكُفْرُ الَّذِي تَفَرَّعَتْ عَنْهُ جَمِيعُ المَعاصِي، أفْرَدَ فَقالَ تَعالى: ﴿بِذَنْبِهِمْ﴾ أيْ في دارِ الجَزاءِ كَما كانُوا يُبالِغُونَ في التَّكْذِيبِ في دارِ العَمَلِ فَلَمْ [ يَكُنْ -] يَنْفَعُهم لِفَواتِ مَحِلِّهِ، أوْ أنَّهُ لَمْ يَجْمَعِ الذَّنْبَ إشارَةً إلى أنَّهم كانُوا كُلُّهم في المُبالَغَةِ في التَّكْذِيبِ عَلى حَدٍّ واحِدٍ، كَما قالَ تَعالى ﴿كَذَلِكَ ما أتى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِن رَسُولٍ إلا قالُوا ساحِرٌ أوْ مَجْنُونٌ﴾ [الذاريات: ٥٢] ﴿أتَواصَوْا بِهِ بَلْ هم قَوْمٌ طاغُونَ﴾ [الذاريات: ٥٣] أوْ أنَّ الإفْرادَ أشَدُّ في التَّحْذِيرِ مِن كَثِيرِ الذُّنُوبِ وقَلِيلِها حَقِيرِها وجَلِيلِها. ولَمّا كانُوا قَدْ أبْلَغُوا في كِلْتَيِ الدّارَيْنِ في إبْعادِ أنْفُسِهِمْ عَنْ مُواطِنِ الرَّحْمَةِ وتَسْفِيلِها إلى حالِ النِّقْمَةِ أنْتَجَ ذَلِكَ وسَبَّبَ قَوْلُهُ: ﴿فَسُحْقًا﴾ أيْ بُعْدًا في جِهَةِ السُّفْلِ وهو دُعاءٌ عَلَيْهِمْ مُسْتَجابٌ ﴿لأصْحابِ﴾ وأظْهَرُ تَنْبِيهًا عَلى عَظِيمِ تَوَقُّدِها وتَغَيُّظِها وتَهَدُّدِها فَقالَ: ﴿السَّعِيرِ﴾ أيِ الَّذِي قَضَتْ عَلَيْهِمْ أعْمالُهم بِمُلازَمَتِها. (p-٢٤٠)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب