الباحث القرآني

ولَمّا حَكَمَ عَلى البَعْضِ، كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: فَما حُكْمُ سائِرِهِ؟ فَكَأنَّ الحُكْمَ بِذَلِكَ يَلْزَمُ مِنهُ الحَذَرُ مِنَ الكُلِّ لَكِنْ لِلتَّصْرِيحِ سِرٌّ كَبِيرٌ في رُكُونِ النَّفْسِ إلَيْهِ، فَقالَ حاصِرًا الجَمِيعَ ضامًّا إلَيْهِمُ المالَ الَّذِي بِهِ قِيامُ ذَلِكَ كُلِّهِ وقَدَّمَهُ لِأنَّهُ أعْظَمُ فِتْنَةً: ﴿إنَّما﴾ وأسْقَطَ الجارَّ لِأنَّ شَيْئًا مِن ذَلِكَ لا يَخْلُو عَنْ شَغْلِ القَلْبِ فَقالَ: ﴿أمْوالُكُمْ﴾ أيْ عامَّةً ﴿وأوْلادُكُمْ﴾ كَذَلِكَ ﴿فِتْنَةٌ﴾ أيِ اخْتِبارٌ مُمِيلٌ عَنِ اللَّهِ لَكم وهو أعْلَمُ بِما في نُفُوسِكم مِنكم لَكِنْ لِيَظْهَرَ في عالَمِ الشَّهادَةِ مَن يُمِيلُهُ ذَلِكَ فَيَكُونُ عَلَيْهِ نِقْمَةً مِمَّنْ لا يُمِيلُهُ فَيَكُونُ لَهُ نِعْمَةٌ، فَرُبَّما رامَ الإنْسانُ صَلاحَ مالِهِ ووَلَدِهِ فَبالَغَ فَأفْسَدَ نَفْسَهُ ثُمَّ لا يُصْلِحُ ذَلِكَ مالَهُ ولا ولَدَهُ، وذَلِكَ [ أنَّهُ -] مِن شَأْنِهِ أنْ يَحْمِلَ عَلى كَسْبِ الحَرامِ ومَنعِ الحَقِّ والإيقاعِ في الإثْمِ، رُوِيَ عَنْ أبِي نَعِيمٍ في الحِلْيَةِ في تَرْجَمَةِ سُفْيانَ الثَّوْرِيِّ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: «يُؤْتى بِرَجُلِ يَوْمِ القِيامَةِ فَيُقالُ لَهُ: أكْلُ عِيالِهِ حَسَناتُهُ» ”ويَكْفِي فِتْنَةَ المالِ [ قِصَّةُ-] (p-١٣٢)ثَعْلَبَةَ بْنِ حاطِبٍ أحَدِ مِن نَزَلَ فِيهِ قَوْلُهُ فِتْنَةً تَعالى: ﴿ومِنهم مَن عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ﴾ [التوبة: ٧٥]“ وكَأنَّهُ سُبْحانَهُ تَرَكَ ذِكْرَ الأزْواجِ في الفِتْنَةِ لِأنَّ مِنهم مَن يَكُونُ صَلاحًا وعَوْنًا عَلى الآخِرَةِ. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فَفي الِاحْتِرازِ مِن فِتَنِهِمْ تَعَبٌ كَبِيرٌ، لا يَفُوتُ بِهِ مِنهم إلى حَظٌّ يَسِيرٌ، وكانَتِ النَّفْسُ عِنْدَ تَرْكِ مُشْتَبِهاتِها ومَحْبُوباتِها قَدْ تَنْفِرُ، عَطَفَ عَلَيْهِ مُهَوِّنًا لَهُ بِالإشارَةِ إلى كَوْنِهِ فانِيًا وقَدْ وعَدَ عَلَيْهِ بِما لا نِسْبَةَ لَهُ مِنهُ مَعَ بَقائِهِ قَوْلُهُ: ﴿واللَّهُ﴾ أيْ ذُو الجَلالِ ﴿عِنْدَهُ﴾ وناهِيكَ بِما يَكُونُ مِنهُ بِسَبِيلِ جَلالِهِ وعِظَمِهِ ﴿أجْرٌ﴾ ولَمْ يَكْتَفِ سُبْحانَهُ بِدَلالَةِ السِّياقِ عَلى أنَّ التَّنْوِينَ لِلتَّعْظِيمِ حَتّى وصْفُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿عَظِيمٌ﴾ أيْ لِمَنِ ائْتَمَرَ بِأوامِرِهِ الَّتِي إنَّما نَفْعُها لِصاحِبِها، فَلَمْ يُقَدِّمْ عَلى رِضاهُ مالًا ولا ولَدًا، وذَلِكَ الأجْرُ أعْظَمُ مِن مَنفَعَتِكم بِأمْوالِكم وأوْلادِكم عَلى وجْهٍ يَنْقُصُ مِنَ الطّاعَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب