الباحث القرآني

ولَمّا أخْبَرُوا بِإسْلامِهِمْ لَهُ سُبْحانَهُ وعَلَّلُوهُ بِما اقْتَضى الإحاطَةَ فاقْتَضى مَجْمُوعُ ذَلِكَ الثَّناءَ الأتَمَّ، فَلَزِمَ مِنهُ الطَّلَبُ، صَرَّحُوا بِهِ فَقالُوا داعِينَ بِإسْقاطِ الأداةِ لِلدَّلالَةِ عَلى غايَةِ قُرْبِهِ سُبْحانَهُ بِما لَهُ مِنَ الإحاطَةِ: ﴿رَبَّنا﴾ أيْ أيُّها المُرَبِّي لَنا والمُحْسِنُ إلَيْنا ﴿لا تَجْعَلْنا﴾ بِإضْعافِنا والتَّسْلِيطِ عَلَيْنا ﴿فِتْنَةً﴾ (p-٥٠٢)أيْ مَوْضِعَ اخْتِبارٍ ﴿لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بِأنْ يُعَذِّبُونا بِعَذابٍ يُمِيلُنا عَمّا نَحْنُ عَلَيْهِ ويُمِيلُهم عَمّا وصَلُوا إلَيْهِ بِسَبَبِ إسْلامِنا مِنَ الزَّلازِلِ بِما يُوجِبُ ذَلِكَ لَهم مِنَ اعْتِقادِ لَوْ أنَّكَ كُنْتَ راضِيًا بِدِينِنا لَكُنّا عَلى الحَقِّ وكانُوا هم عَلى الباطِلِ ما أمْكَنْتَ مِنّا، فَيَزِيدُهم ذَلِكَ طُغْيانًا ظَنًّا مِنهم أنَّهم عَلى الحَقِّ وأنّا عَلى الباطِلِ. ولَمّا كانَ رَأْسُ مالِ المُسْلِمِ الأعْظَمُ الِاعْتِرافَ بِالتَّقْصِيرِ وإنْ بَلَغَ النِّهايَةَ في المُجاهَدَةِ فَإنَّ الإلَهَ في غايَةِ العَظَمَةِ والبُعْدِ في نِهايَةِ الضَّعْفِ، فَبُلُوغُهُ [ما يَحِقُّ لَهُ] سُبْحانَهُ لا يُمْكِنُ بِوَجْهٍ قالُوا: ﴿واغْفِرْ لَنا﴾ أيِ اسْتُرْ ما عَجَزْنا فِيهِ وامْحُ عَيْنَهُ وأثَرَهُ. ولَمّا طَلَبُوا مِنهُ الحِياطَةَ مِن جَمِيعِ الجَوانِبِ، عَلَّلُوهُ زِيادَةً في التَّضَرُّعِ والخُضُوعِ واسْتِنْجازِ المَطْلُوبِ مُكَرِّرِينَ صِفَةَ الإحْسانِ زِيادَةً في التَّرَقُّقِ والِاسْتِعْطافِ بِقَوْلِهِمْ: ﴿رَبَّنا﴾ أيِ المُحْسِنَ إلَيْنا، وأكَّدُوا إعْلامًا بِشِدَّةِ رَغْبَتِهِمْ بِحُسْنِ الثَّناءِ عَلَيْهِ سُبْحانَهُ واعْتِرافًا بِأنَّهم قَدْ يَفْعَلُونَ ما فِيهِ شَيْءٌ مِن تَقْصِيرٍ فَيَكُونُ مِن مِثْلِ أفْعالِ مَن [لا] يَعْرِفُهُ سُبْحانَهُ فَقالُوا: ﴿إنَّكَ أنْتَ﴾ أيْ وحْدَكَ لا غَيْرُكَ ﴿العَزِيزُ﴾ الَّذِي يَغْلِبُ كُلَّ شَيْءٍ ولا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ ﴿الحَكِيمُ﴾ (p-٥٠٣)الَّذِي يَضَعُ الأشْياءَ في أوْفَقِ مَحالِّها فَلا يُسْتَطاعُ نَقْضُها، ومَن كانَ كَذَلِكَ فَهو حَقِيقٌ بِأنْ يُعْطى مِن أمَلِهِ فَوْقَ ما طَلَبَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب