الباحث القرآني

ولَمّا كانَ المُرادُ بِسَوْقِهِمْ هَكَذا - واللَّهُ أعْلَمُ - أنَّ كُلًّا مِنهم بادَرَ بَعْدَ الهِدايَةِ إلى الدُّعاءِ إلى اللَّهِ والغَيْرَةِ عَلى جَلالِهِ مِنَ الإشْراكِ، لَمْ يُشْغِلْ (p-١٨٣)أحَدًا مِنهم عَنْ ذَلِكَ سَرّاءٌ ولا ضَرّاءٌ بِمُلْكٍ ولا غَيْرِهِ مِن مَلِكٍ أوْ غَيْرِهِ بَلْ لازَمُوا الهُدى والدُّعاءَ إلَيْهِ عَلى كُلِّ حالٍ - قالَ مُسْتَأْنِفًا لِتَكْرارِ أمْداحِهِمْ بِما يَحْمِلُ عَلى التَّحَلِّي بِأوْصافِهِمْ، مُؤَكِّدًا لِإثْباتِ الرِّسالَةِ: ﴿أُولَئِكَ﴾ أيْ: العالُو المَراتِبِ ﴿الَّذِينَ هَدى اللَّهُ﴾ أيْ: المُلْكُ الحائِزُ لِرُتَبِ الكَمالِ، الهُدى الكامِلُ؛ ولِذَلِكَ سَبَّبَ عَنْ مَدْحِهِمْ قَوْلَهُ: ﴿فَبِهُداهُمُ﴾ أيْ: خاصَّةً في واجِباتِ الإرْسالِ وغَيْرِها ﴿اقْتَدِهِ﴾ وأشارَ بِهاءِ السَّكْتِ الَّتِي هي أمارَةُ الوُقُوفِ - وهي ثابِتَةٌ في جَمِيعِ المَصاحِفِ - إلى أنَّ الِاقْتِداءَ بِهِمْ كانَ غَيْرَ مُحْتاجٍ إلى شَيْءٍ؛ ثُمَّ فَسَّرَ الهُدى بِمُعْظَمِ أسْبابِهِ فَقالَ: ﴿قُلْ﴾ أيْ: لِمَن تَدْعُوهم كَما كانُوا يَقُولُونَ مِمّا يَنْفِي التُّهْمَةَ ويُمَحِّصُ النَّصِيحَةَ فَيُوجِبُ الِاتِّباعَ إلّا مَن شَقِيَ ﴿لا أسْألُكُمْ﴾ أيْ: أيُّها المَدْعُوُّونَ ﴿عَلَيْهِ﴾ أيْ: عَلى الدُّعاءِ ﴿أجْرًا﴾ فَإنَّ الدَّواعِيَ تَتَوَفَّرُ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَلى الإقْبالِ إلى الدّاعِي والِاسْتِجابَةِ لِلْمُرْشِدِ؛ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ قَوْلَهُ: ﴿إنْ﴾ أيْ: ما ﴿هُوَ﴾ أيْ: هَذا الدُّعاءُ الَّذِي أدْعُوكم بِهِ ﴿إلا ذِكْرى﴾ أيْ: تَذْكِيرٌ بَلِيغٌ مِن كُلِّ ما يُحْتاجُ إلَيْهِ في المَعاشِ والمَعادِ ﴿لِلْعالَمِينَ﴾ أيْ: الجِنِّ والإنْسِ والمَلائِكَةِ دائِمًا، لا يَنْقَضِي دُعاؤُهُ ولا يَنْقَطِعُ نِداؤُهُ، وفي التَّعْبِيرِ بِالِاقْتِداءِ إيماءٌ إلى تَبْكِيتِ كُفّارِ العَرَبِ حَيْثُ اقْتَدَوْا بِمَن لا يَصْلُحُ لِلْقُدْوَةِ مِن آبائِهِمْ، وتَرَكُوا مَن يَجِبُ الِاقْتِداءُ بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب