الباحث القرآني

﴿ولَوْ جَعَلْناهُ﴾ أيْ: مَطْلُوبَهم ﴿مَلَكًا﴾ أيْ: يُمْكِنُ في مَجارِي العاداتِ في هَذِهِ الدّارِ رُؤْيَتُهم لَهُ وبَقاؤُهم بَعْدَ رُؤْيَتِهِ ﴿لَجَعَلْناهُ رَجُلا﴾ أيْ: في صُورَةِ رَجُلٍ، ولَكِنَّهُ عَبَّرَ بِذَلِكَ إشارَةً إلى تَمامِ اللَّبْسِ حَتّى [إنَّهُ] لا يَشُكُّ أحَدٌ يَراهُ في كَوْنِهِ رَجُلًا، كَما كانَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - يَنْزِلُ في بَعْضِ الأوْقاتِ عَلى النَّبِيِّ ﷺ في صُورَةِ دِحْيَةَ الكَلْبِيِّ، فَإذا رَآهُ بَعْضُ الصَّحابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - لَمْ يَشُكَّ أنَّهُ دِحْيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ”و“ لَوْ جَعَلْناهُ رَجُلًا ”لَلَبَسْـنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبَسُونَ“ أيْ: لَخَلَطْنا عَلَيْهِمْ بِجَعْلِنا إيّاهُ رَجُلًا ما يَخْلِطُونَهُ عَلى أنْفُسِهِمْ وعَلى غَيْرِهِمْ في قَوْلِهِمْ: إنَّ الرِّسالَةَ لا تَصِحُّ مِنَ البَشَرِ، فَلَوْ كانَ هَذا الَّذِي يَقُولُ: إنَّهُ رَسُولٌ رَسُولًا لَكانَ مَلَكًا، فَوَقَعَ اللَّبْسُ عَلَيْهِمْ بِأنَّهُ لَمّا كانَ هَذا الَّذِي يَقُولُ: إنَّهُ رَسُولٌ، مَلَكًا كانَ رَجُلًا، ويَجُوزُ أنْ يُقَرَّرَ ذَلِكَ عَلى وجْهٍ آخَرَ، وهو أنْ يَكُونَ ﴿ولَوْ نَـزَّلْنا﴾ [الأنعام: ٧] في حَيِّزِ ﴿كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ﴾ [الأنعام: ٤] أيْ: أعْرَضُوا عَنّا لَوْ نَزَّلْناها عَلَيْكَ في غَيْرِ قِرْطاسٍ، ولَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ مِنَ السَّماءِ كِتابًا في قِرْطاسٍ فَجَعَلْنا لَهم في ذَلِكَ بَيْنَ حِسِّ البَصَرِ واللَّمْسِ لَأعْرَضُوا، وقالَ الَّذِينَ أبَّدْنا كُفْرَهم عِنادًا (p-٢٨)ومُكابَرَةً: ما هَذا إلّا سِحْرٌ ظاهِرٌ، ويَكُونُ ”وقالُوا“ مَعْطُوفًا عَلى ﴿لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنعام: ٧] ويَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ اقْتِراحِهِمْ لِذَلِكَ بِما حَكاهُ اللَّهُ تَعالى عَنْهم في سُورَةِ الإسْراءِ بِقَوْلِهِ ﴿وقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعًا﴾ [الإسراء: ٩٠] إلى آخِرِها، فَيَكُونُ إخْبارًا بِمَغِيبٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب