الباحث القرآني

فَلَمّا أبْطَلَ (p-١٦٢)بِذَلِكَ جَمِيعَ مَذْهَبِهِمْ أظْهَرَ التَّوَجُّهَ إلى الإلَهِ الحَقِّ، وأنَّهُ قَدْ انْكَشَفَ لَهُ الصَّوابُ بِهَذا النَّظَرِ، والمُرادُ هم، ولَكِنَّ سَوْقَهُ عَلى هَذا الوَجْهِ أدْعى لِقَبُولِهِمْ إيّاهُ، فَقالَ مُسْتَنْتِجًا عَمّا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ العَقْلِيُّ في المَلَكُوتِ: ﴿إنِّي وجَّهْتُ وجْهِيَ﴾ أيْ: أخْلَصْتُ قَصْدِي غَيْرَ مُعَرِّجٍ عَلى شَيْءٍ أصْلًا، فَعَبَّرَ بِذَلِكَ عَنِ الِانْقِيادِ التّامِّ؛ لِأنَّ مَن انْقادَ لِشَيْءٍ أقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، ودَلَّ عَلى كَمالِهِ وتَفَرُّدِهِ بِالكَمالِ مُبْدِعاتُهُ، وعَبَّرَ بِـ ( اللّامِ ) دُونَ ( إلى ) لِئَلّا يُوهِمَ الحَيِّزَ، فَقالَ: ﴿لِلَّذِي فَطَرَ﴾ أيْ: لِأجْلِ عُبُودِيَّةِ مَن شَقَّ وأخْرَجَ ﴿السَّماواتِ والأرْضَ﴾ فَخَتَمَ الدَّلِيلَ بِما افْتُتِحَتْ بِهِ السُّورَةُ مِن قَوْلِهِ: ( ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ﴾ [الأنعام: ١] وأدَلُّ دَلِيلٍ عَلى ما تَقَدَّمَ - أنِّي فَسَّرْتُ الحَنَفَ بِهِ مِن أنَّهُ المَيْلُ مَعَ الدَّلِيلِ سُهُولَةً ولَطافَةً عَلى ما هو دَأْبُ الفِطْرَةِ الأُولى الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ النّاسَ عَلَيْها - قَوْلُهُ بَعْدَ نَصْبِ هَذا الدَّلِيلِ: ﴿حَنِيفًا﴾ أيْ: سَهْلًا هَيِّنًا لَيِّنًا لَطِيفًا مَيّالًا مَعَ الدَّلِيلِ غَيْرَ كَزٍّ جافٍّ جامِدٍ عَلى التَّقْلِيدِ دَأْبُ الغَلِيظِ البَلِيدِ، وأكَّدَ البَراءَةَ مِنهم بِقَوْلِهِ: ﴿وما أنا مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ أيْ: مِنكم، ولَكِنَّهُ أظْهَرَ الوَصْفَ المُقْتَضِي لِلْبَراءَةِ والتَّعْمِيمِ، أيْ: لا أُعَدُّ في عِدادِكم بِشَيْءٍ أُقارِبُكم بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب