الباحث القرآني

ولَمّا أخْبَرَ بِتَمامِ العِلْمِ والقُدْرَةِ - أخْبَرَ بِغالِبِ سَلْطَنَتِهِ وعَظِيمِ جَبَرُوتِهِ وأنَّ أفْعالَهُ هَذِهِ عَلى سَبِيلِ القَهْرِ لا يُسْتَطاعُ مُخالَفَتُها، فَلَوْ بالَغَ أحَدٌ في الِاجْتِهادِ في أنْ يَنامَ في غَيْرِ وقْتِهِ ما قَدَرَ، أوْ أنْ يَقُومَ وقْتَ النَّوْمِ لَعَجَزَ، أوْ أنْ يُحْيِيَ وقْتَ المَوْتِ لَمْ يَسْتَطِعْ ... إلى غَيْرِ ذَلِكَ، فَقالَ: ﴿وهُوَ﴾ أيْ: يَفْعَلُ ذَلِكَ والحالُ أنَّهُ وحْدَهُ بِما لَهُ مِن غَيْبِ الغَيْبِ وحُجُبِ الكِبْرِياءِ ﴿القاهِرُ﴾ وصَوَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَوْقَ عِبادِهِ﴾ أيْ: في الإحاطَةِ بِالعِلْمِ والفِعْلِ، أمّا قَهْرُهُ لِلْعَدَمِ فَبِالتَّكْوِينِ والإيجادِ، وأمّا قَهْرُهُ لِلْوُجُودِ فَبِالإفْناءِ والإفْسادِ بِنَقْلِ المُمْكِنِ مِنَ العَدَمِ إلى الوُجُودِ تارَةً ومِنَ الوُجُودِ إلى العَدَمِ أُخْرى، فَيَقْهَرُ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ والظُّلْمَةَ بِالنُّورِ، والنَّهارَ بِاللَّيْلِ واللَّيْلَ بِالنَّهارِ - إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِن ضُرُوبِ الكائِناتِ وصُرُوفِ المُمْكِناتِ ﴿ويُرْسِلُ﴾ ورَجَعَ إلى الخِطابِ؛ لِأنَّهُ أصْرَحُ، فَقالَ: ﴿عَلَيْكُمْ﴾ مِن مَلائِكَتِهِ ﴿حَفَظَةً﴾ أيْ: يَحْفَظُونَ عَلَيْكم كُلَّ حَرَكَةٍ وسُكُونٍ لِتَسْتَحْيُوا مِنهم وتَخافُوا عاقِبَةَ كِتابَتِهِمْ. ويَقُومَ عَلَيْكم بِشَهادَتِهِمْ الحُجَّةَ عَلى مَجارِي عاداتِكم، وإلّا فَهو - سُبْحانُهُ - غَنِيٌّ عَنْهم؛ لِأنَّهُ العالَمُ القادِرُ فَيَحْفَظُونَكم عَلى حَسَبِ مُرادِهِ فِيكم ﴿حَتّى إذا جاءَ﴾ (p-١٤٠)ولَمّا كانَ تَقْدِيمُ المَفْعُولِ أخْوَفَ قالَ: ﴿أحَدَكُمُ المَوْتُ﴾ أيْ: الَّذِي لا مَحِيدَ لَهُ عَنْهُ ولا مَحِيصَ ﴿تَوَفَّتْهُ﴾ أيْ: أخَذَتْ رُوحَهُ كامِلَةً ﴿رُسُلُنا﴾ مِن مَلَكِ المَوْتِ وأعْوانِهِ عَلى ما لَهم مِنَ العَظَمَةِ بِالإضافَةِ إلَيْنا ﴿وهم لا يُفَرِّطُونَ﴾ في نَفَسٍ واحِدٍ ولا ما دُونَهُ ولا ما فَوْقَهُ بِالتَّوانِي عَنْهُ لِيَتَقَدَّمَ ذَلِكَ عَنْ وقْتِهِ أوْ يَتَأخَّرَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب