الباحث القرآني

ولَمّا نَهاهُ ﷺ عَنْ طَرْدِهِمْ، عَلَّمَهُ كَيْفَ يُلاطِفُهم، فَقالَ: [عاطِفًا عَلى ما تَقْدِيرُهُ: وإذا جاءَكَ الَّذِينَ يَحْتَقِرُونَ الضُّعَفاءَ مِن عِبادِي فَلا تَحْفَلْ بِهِمْ]: ﴿وإذا جاءَكَ﴾ وأظْهَرَ مَوْضِعَ الإضْمارِ دِلالَةً عَلى الوَصْفِ المُوجِبِ لِإكْرامِهِمْ وتَعْمِيمًا لِغَيْرِهِمْ، فَقالَ: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾ أيْ: هم أوْ غَيْرُهم أغْنِياءَ كانُوا أوْ فُقَراءَ، وأشارَ بِمَظْهَرِ العَظَمَةِ إلى أنَّهم آمَنُوا بِما هو جَدِيرٌ بِالإيمانِ بِهِ فَقالَ: ﴿بِآياتِنا﴾ عَلى ما لَها مِنَ العَظَمَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنا ﴿فَقُلْ﴾ أيْ: لَهم بادِئًا بِالسَّلامِ إكْرامًا لَهم وتَطْيِيبًا لِخَواطِرِهِمْ ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ﴾ أيْ: سَلامَةٌ مِنِّي ومِنَ اللَّهِ، ونَكَّرَهُ لِما يَلْحَقُهم في الدُّنْيا مِنَ المَصائِبِ؛ ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ﴾ أيْ: المُحْسِنُ إلَيْكم ﴿عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ [بِقَوْلِهِ] واسْتَأْنَفَ بِما حاصِلُهُ أنَّهُ عَلِمَ مِنَ الإنْسانِ النُّقْصانَ؛ لِأنَّهُ طَبَعَهُ عَلى طَبائِعَ الخُسْرانِ إلّا مَن جَعَلَهُ مَوْضِعَ الِامْتِنانِ، فَقالَ: ﴿أنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكم سُوءًا﴾ أيْ: أيِّ سُوءٍ كانَ (p-١٣١)مُلْتَبِسًا ﴿بِجَهالَةٍ﴾ أيْ: بِسَفَهٍ أوْ بِخِفَّةٍ وحَرَكَةٍ أخْرَجَتْهُ عَنِ الحَقِّ والعِلْمِ حَتّى كانَ كَأنَّهُ لا يَعْلَمُ شَيْئًا ﴿ثُمَّ تابَ﴾ أيْ: رَجَعَ بِالنَّدَمِ والإقْلاعِ وإنْ طالَ الزَّمانُ، ولِذا أدْخَلَ الجارَّ، فَقالَ: ﴿مِن بَعْدِهِ﴾ أيْ: بَعْدَ ذَلِكَ العَمَلِ ﴿وأصْلَحَ﴾ بِالِاسْتِمْرارِ عَلى الخَيْرِ ”فَإنَّهُ“ أيْ: رَبَّكم - بِسَبَبِ هَذِهِ التَّوْبَةِ - يَغْفِرُ لَهُ؛ لِأنَّهُ دائِمًا ﴿غَفُورٌ﴾ أيْ: بالِغُ السَّتْرِ والمَحْوِ لِما كانَ مِن ذَلِكَ ﴿رَحِيمٌ﴾ يُكْرِمُ مَن تابَ هَذِهِ التَّوْبَةَ بِأنْ يَجْعَلَهُ كَمَن أحْسَنَ بَعْدَ أنْ جَعَلَهُ بِالغَفْرِ كَمَن لَمْ يُذْنِبْ، ومَن أصَرَّ وأفْسَدَ فَإنَّهُ يُعاقِبُهُ؛ لِأنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، ورُبَّما كانَتْ الآيَةُ ناظِرَةً إلى [ما] قَذَفَهم بِهِ المُشْرِكُونَ مِن عَدَمِ الإخْلاصِ، ويَكُونُ حِينَئِذٍ مُرَشَّحًا لِأنَّ المُرادَ بِالحِسابِ المُحاسَبَةُ عَلى الذُّنُوبِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب