الباحث القرآني

ولَمّا كانَ إعْراضُهم عَنِ النَّظَرِ سَبَبًا لِتَكْذِيبِهِمْ، وهو سَبَبٌ لِتَعْذِيبِهِمْ قالَ: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوا﴾ أيْ: أوْقَعُوا تَكْذِيبَ الصّادِقِ ﴿بِالحَقِّ﴾ أيْ: بِسَبَبِ الأمْرِ الثّابِتِ الكامِلِ في الثَّباتِ كُلِّهِ. لِأنَّ الآياتِ كُلَّها مُتَساوِيَةٌ في الدِّلالَةِ عَلى ما تَدُلُّ عَلَيْهِ الواحِدَةُ مِنها ﴿لَمّا جاءَهُمْ﴾ أيْ: لَمْ يَتَأخَّرُوا عِنْدَ المَجِيءِ أصْلًا لِنَظَرٍ ولا لِغَيْرِهِ، وذَلِكَ أدَلُّ ما يَكُونُ عَلى العِنادِ. ولَمّا كانَ الإعْراضُ عَنِ الشَّيْءِ هَكَذا فِعْلَ المُكَذِّبِ المُسْتَهْزِئِ الَّذِي بَلَغَ بِتَكْذِيبِهِ الغايَةَ القُصْوى، وهي الِاسْتِهْزاءُ، قالَ: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ﴾ أيْ: بِوَعْدٍ صادِقٍ لا خُلْفَ فِيهِ عِنْدَ نُزُولِ العَذابِ بِهِمْ وإنْ تَأخَّرَ إتْيانُهُ ﴿أنْباءُ ما كانُوا﴾ أيْ: جِبِلَّةً وطَبْعًا ﴿بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أيْ: يُجَدِّدُونَ الهَزْءَ بِهِ بِغايَةِ الرَّغْبَةِ في طَلَبِهِ، وهو أبْعَدُ شَيْءٍ عَنِ الهَزْءِ، والنَّبَأُ: الخَبَرُ العَظِيمُ، وهو الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ الجَزاءُ، وأفادَ تَقْدِيمُ الظَّرْفِ أنَّهم لَمْ يَكُونُوا يَهْزَؤُونَ بِغَيْرِ الحَقِّ الكامِلِ - كَما تَرى كَثِيرًا مِنَ المُتْرَفِينَ لا يَعْجَبُ مِنَ العَجَبِ ويَعْجَبُ مِن غَيْرِ العَجَبِ، أوْ أنَّهُ عَدَّ اسْتِهْزاءَهم بِغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ إلى الِاسْتِهْزاءِ بِهِ عَدَمًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب