الباحث القرآني

ولَمّا قَرَنَ الأخْذَ بِالبَغْتِ تارَةً صَرِيحًا وتارَةً بِإسْقاطِ الكافِ؛ كانَ رُبَّما وقَعَ في وهْمِ السُّؤالِ عَنْ حالَةِ الجَهْرِ، أتْبَعَ ذَلِكَ ذِكْرَهُ مُفَصِّلًا لِما أجْمَلَ مِنَ الأحْوالِ في الآيَتَيْنِ قَبْلُ، فَقالَ: ﴿قُلْ أرَأيْتَكُمْ﴾ ولَمّا كانَ المَعْنى: أخْبِرُونِي، وكانَ كَأنَّهُ قِيلَ: عَنْ ماذا ؟ قِيلَ: ﴿إنْ أتاكم عَذابُ اللَّهِ﴾ أيْ: الَّذِي لَهُ جَمِيعُ صِفاتِ الكَمالِ فَلا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ ﴿بَغْتَةً﴾ أيْ: بِحَيْثُ لا يُرى إلّا مُلْتَبِسًا بِكم مِن غَيْرِ أنْ يُشْعَرَ بِهِ ويَظْهَرَ شَيْءٌ مِن أماراتِهِ، ﴿أوْ جَهْرَةً﴾ أيْ: بِحَيْثُ تَرَوْنَهُ مُقْبِلًا إلَيْكم مُقْدِمًا عَلَيْكم ﴿هَلْ﴾ ولَمّا كانَ المَخُوفُ بِالذّاتِ هو الهَلاكُ مِن غَيْرِ نَظَرٍ إلى تَعْيِينِ الفاعِلِ، بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ قَوْلُهُ: ﴿يُهْلَكُ﴾ أيْ: في واحِدَةٍ مِنَ الحالَتَيْنِ هَلاكًا هو الهَلاكُ، وهو هَلاكُ السُّخْطِ ﴿إلا القَوْمُ﴾ أيْ: الَّذِينَ لَهم قُوَّةُ المُدافَعَةِ وشِدَّةُ المُقاتَلَةِ - في زَعْمِكم - والمُقاوَمَةِ ﴿الظّالِمُونَ﴾ أيْ: بِوَضْعِ الأشْياءِ في غَيْرِ مَواضِعِها مِن إعْطاءِ الشَّيْءِ لِمَن لا يَسْتَحِقُّهُ ومَنعِ المُسْتَحِقِّ ما لَهُ، وأمّا المُصْلِحُ فَإنَّهُ ناجٍ إمّا في الدّارَيْنِ وإمّا في الآخِرَةِ الَّتِي مَن فازَ فِيها فَلا تَوًى (p-١٢٠)عَلَيْهِ؛ وذَكَرَ أبُو حَيّانَ [أنَّهُ] لَمّا كانَ مُطْلَقُ العَذابِ صالِحًا لِكُلِّ ما يُعْلَمُ مِن تَفاصِيلِ أهْوالِهِ وما لا يُعْلَمُ - كانَ التَّوَعُّدُ بِهِ أهْوَلَ، فَلِذَلِكَ أُكِّدَ فِيهِ في الآيَتَيْنِ الخِطابُ بِالضَّمِيرِ بِحَرْفِ الخِطابِ، والتَّوَعُّدُ بِأخْذِ السَّمْعِ وما مَعَهُ مِن جُمْلَةِ الأنْواعِ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْها ذَلِكَ المُطْلَقُ فَأُعْرِيَ مِن حَرْفِ الخِطابِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب