الباحث القرآني

ولَمّا أقامَ لَهم بِهَذِهِ الآيَةِ عَلى تَوْحِيدِهِ الدَّلِيلَ حَتّى اسْتَنارَتْ السُّبُلُ في تَذْكِيرِهِمْ أنَّ التَّضَرُّعَ قَدْ يُكْشَفُ بِهِ البَلاءُ، أخْبَرَهم أنَّ تَرْكَهُ يُوجِبُ الشَّقاءَ، تَرْغِيبًا في إدامَتِهِ وتَرْهِيبًا مِن مُجانَبَتِهِ، فَقالَ: ﴿ولَقَدْ أرْسَلْنا﴾ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿إلى أُمَمٍ﴾ أيْ: أُناسٍ يَؤُمُّ بَعْضُهم بَعْضًا، وهم أهْلٌ لِأنْ يَقْصِدَهم النّاسُ، لِما لَهم مِنَ الكَثْرَةِ والعَظَمَةِ. ولَمّا كانَ المُرادُ بَعْضَ الأُمَمِ، وهم الَّذِينَ أرادَ اللَّهُ إشْهادَهم وقَصَّ أخْبارَهم - أدْخَلَ الجارَّ، فَقالَ: ﴿مِن قَبْلِكَ﴾ أيْ: رُسُلًا فَخالَفُوهم، وحَسَّنَ هَذا الحَذْفَ كَوْنُهُ مَفْهُومًا ﴿فَأخَذْناهُمْ﴾ أيْ: فَكانَ إرْسالُنا إلَيْهِمْ سَبَبًا (p-١١٤)لِأنْ أخَذْناهم بِعَظَمَتِنا، لِيَرْجِعُوا عَمّا زَيَّنَ لَهم الشَّيْطانُ إلى ما تَدْعُوهم إلَيْهِ الرُّسُلَ ﴿بِالبَأْساءِ﴾ مِن تَسْلِيطِ القَتْلِ عَلَيْهِمْ ﴿والضَّرّاءِ﴾ بِتَسْلِيطِ الفَقْرِ والأوْجاعِ ﴿لَعَلَّهم يَتَضَرَّعُونَ﴾ أيْ: لِيَكُونَ حالُهم حالَ مَن يُرْجى خُضُوعُهُ وتَذَلُّلُهُ عَلى وجْهٍ بَلِيغٍ، بِما يُرْشِدُ إلَيْهِ - مَعَ صِيغَةِ التَّفْعِيلِ - الإظْهارُ، ولِأنَّ مَقْصُودَها الِاسْتِدْلالُ عَلى التَّوْحِيدِ، وعِنْدَ الكَشْفِ لِلْأُصُولِ يَنْبَغِي الإبْلاغُ في العِبادَةِ، بِخِلافِ ما يَأْتِي في الأعْرافِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب