الباحث القرآني
ولَمّا قَرَّرَ - سُبْحانَهُ - أنَّهُ هو الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ اللَّتَيْنِ مِنهُما وفِيهِما الأصْنامُ والكَواكِبُ والأجْرامُ الَّتِي عَنْها النُّورُ والظُّلْمَةُ، فَثَبَتَ وُجُودُهُ عَلى ما هو عَلَيْهِ مِنَ الإحاطَةِ بِأوْصافِ الكَمالِ الَّتِي أثْبَتَها الحَمْدُ، فَبَطَلَتْ جَمِيعُ مَذاهِبِهِمْ، فَعَجَّبَ مِنهم بِكَوْنِهِمْ يَعْدِلُونَ بِهِ غَيْرَهُ - أتْبَعَ ذَلِكَ اخْتِصاصَهُ بِخَلْقِ هَذا النَّوْعِ البَشَرِيِّ، وهو، مَعَ ما فِيهِ مِنَ الشَّواهِدِ لَهُ (p-٨)بِالِاخْتِصاصِ بِالحَمْدِ والرَّدِّ عَلى المُطْرِينَ لِعِيسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - المَخْلُوقِ مِنَ الطِّينِ بِخَلْقِ أبِيهِمْ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مُؤَكِّدٌ لِإبْطالِ مَذْهَبِ الثَّنَوِيَّةِ، وذَلِكَ أنَّهم يَقُولُونَ: إنَّ النّارَ خالِقُ الخَيْرِ، والظُّلْمَةَ خالِقَةُ الشَّرِّ، فَإذا ثَبَتَ أنَّهُ الخالِقُ لِنَوْعِ الآدَمِيِّينَ الَّذِينَ مِنهم الخَيْرُ والشَّرُّ مِن شَيْءٍ واحِدٍ، وهو الطِّينُ الَّذِي وُلِدَ مِنهُ المَنِيُّ الَّذِي جَعَلَ مِنهُ الأعْضاءَ المُخْتَلِفَةَ في اللَّوْنِ والصُّورَةِ والشَّكْلِ مِنَ القَلْبِ وغَيْرِهِ مِنَ الأعْضاءِ البَسِيطَةِ كالعِظامِ والغَضارِيفِ، والرِّباطاتِ والأوْتارِ - ثَبَتَ أنَّ خالِقَ أوْصافِهِمْ مِنَ الخَيْرِ والشَّرِّ واحِدٌ قَدِيرٌ عَلِيمٌ؛ لِأنَّ تَوْلِيدَ الصِّفاتِ المُخْتَلِفَةِ مِنَ المادَّةِ المُتَشابِهَةِ لا يَكُونُ إلّا ومُبْدِعُهُ واحِدٌ مُخْتارٌ، لا اثْنانِ، وهو الَّذِي خَلَقَ الأرْضَ الَّتِي مِنها أصْلُهم، وهو اللَّهُ الَّذِي اخْتَصَّ بِالحَمْدِ، فَقالَ: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ ولَمّا كانُوا يَسْتَبْعِدُونَ البَعْثَ لِصَيْرُورَةِ الأمْواتِ تُرابًا واخْتِلاطِ تُرابِ الكُلِّ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وبِتُرابِ الأرْضِ، فَيَتَعَذَّرُ التَّمْيِيزُ، وكانَ تَمْيِيزُ الطِّينِ لِشِدَّةِ اخْتِلاطِ أجْزائِهِ بِالماءِ أعْسَرَ مِن تَمَيُّزِ التُّرابِ - قالَ: ﴿مِن طِينٍ﴾ أيْ: فَمَيَّزَ طِينَةَ كُلٍّ مِنكم - مَعَ أنَّ مِنكم الأسْوَدَ والأبْيَضَ وغَيْرَ ذَلِكَ والشَّدِيدَ وغَيْرَهُ - مِن طِينَةِ الآخَرِ بَعْدَ أنْ جَعَلَها ماءً ثَخِينًا لَهُ قُوَّةُ الدَّفْقِ ونَمّاها إلى حَيْثُ شاءَ مِنَ الكِبَرِ.
(p-٩)ولَمّا كانَ مِنَ المَعْلُومِ أنَّ ما كانا مِن شَيْءٍ واحِدٍ كانَتْ مُدَّةُ بَقائِهِما واحِدَةً - نَبَّهَ بِأداةِ التَّراخِي عَلى كَمالِ قُدْرَتِهِ واخْتِيارِهِ مِنَ المُفاوَتَةِ بَيْنَ الآجالِ فَقالَ: ﴿ثُمَّ قَضى﴾ أيْ: حَكَمَ حُكْمًا تامًّا وبَتَّ وأوْجَدَ ﴿أجَلا﴾ أيْ: وقْتًا مَضْرُوبًا لِانْقِضاءِ العُمْرِ وقَطْعِ التَّأخُّرِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنكم خَيِّرًا كانَ أوْ شِرِّيرًا، قَوِيًّا كانَ أوْ ضَعِيفًا، مِن أجَلَ يَأْجَلُ أُجُولًا - إذا تَأخَّرَ، وجَعَلَ تِلْكَ الآجالَ - مَعَ كَوْنِها مُتَفاوِتَةً - مُتَقارِبَةً لا مَزِيَّةَ لِأحَدٍ مِنكم بِصِفَةٍ عَلى آخَرَ بِصِفَةٍ مُغايِرَةٍ لَها، وفاعِلُ ذَلِكَ لا يَكُونُ إلّا واحِدًا فاعِلًا بِاخْتِيارٍ. ولَمّا ذَكَرَ الأجَلَ الأوَّلَ الَّذِي هو الإبْداعُ مِنَ الطِّينِ إشارَةً إلى ما فَرَّعَ مِنهُ مِنَ الآجالِ المُتَفاوِتَةِ - ذَكَرَ الأجَلَ الآخَرَ الجامِعَ لِلْكُلِّ؛ لِأنَّ ذِكْرَ البِدايَةِ يَسْتَدْعِي ذِكْرَ النِّهايَةِ، فَقالَ مُشِيرًا إلى تَعْظِيمِهِ بِالِاسْتِئْنافِ والتَّنْكِيرِ: ﴿وأجَلٌ﴾ أيْ: عَظِيمٌ ﴿مُسَمًّى﴾ أيْ: لَكم أجْمَعِينَ لِانْقِضاءِ البَرْزَخِ لِلْإعادَةِ الَّتِي هي في مَجارِي عاداتِكم أهْوَنُ مِنَ الِابْتِداءِ لِمُجازاتِكم والحُكْمِ بَيْنَكم الَّذِي هو مَحَطُّ حِكْمَتِهِ ومَظْهَرُ نِعْمَتِهِ ونِقْمَتِهِ في وقْتٍ واحِدٍ، يَتَساوى فِيهِ الكُلُّ، وسَتَرَ عِلْمَهُ عَنِ الكُلِّ كَما أشارَ إلَيْهِ بِالتَّنْكِيرِ، وهَذا لا يَصِحُّ أنْ يَكُونَ إلّا لِواحِدٍ، لا مُتَعَدِّدٍ، وإلّا لَتَبايَنَتْ المَقادِيرُ والإراداتُ وانْشَقَّ كُلُّ مَقْدُورٍ في صِنْفٍ لا يَتَعَدّاهُ، وإلّا لَعَلا بَعْضُهم عَلى بَعْضٍ وانْهَتَكَتْ أسْرارُ البَعْضِ بِالبَعْضِ - سُبْحانَ اللَّهُ وتَعالى عَمّا يَصِفُونَ - وغَيَّرَ السِّياقَ إلى الِاسْمِيَّةِ إشارَةً إلى اخْتِصاصِهِ بِعِلْمِهِ وأنَّهُ ثابِتٌ لا شَكَّ فِيهِ! ويُؤَكِّدُهُ إثْباتُ قَوْلِهِ: ﴿عِنْدَهُ﴾ في هَذِهِ الجُمْلَةِ وحَذْفُها (p-١٠)مِنَ الأُولى هُنا وفي قَوْلِهِ ﴿ثُمَّ يَبْعَثُكم فِيهِ لِيُقْضى أجَلٌ مُسَمًّى﴾ [الأنعام: ٦٠] وقَدَّمَ المُبْتَدَأ مَعَ تَنْكِيرِهِ - والأصْلُ تَأْخِيرُهُ - إفادَةً لِتَعْظِيمِهِ.
ولَمّا كانَ في هَذا البَيانِ لِوَحْدانِيَّتِهِ وتَمامِ قُدْرَتِهِ لا سِيَّما عَلى البَعْثِ الَّذِي هو مَقْصُودُ حِكْمَتِهِ ما يَبْعُدُ مَعَهُ الشَّكُّ في الإعادَةِ - أشارَ إلَيْهِ بِأداةِ التَّراخِي وصِيغَةِ الِافْتِعالِ فَقالَ: ﴿ثُمَّ أنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ أيْ: تُكَلِّفُونَ أنْفُسَكم الشَّكَّ في كُلٍّ مِنَ الوَحْدانِيَّةِ والإعادَةِ الَّتِي هي أهْوَنُ عَلى مَجارِي عاداتِكم مِنَ الِابْتِداءِ بِتَقْلِيدِ الآباءِ، والرُّكُونِ إلى مُجَرَّدِ الهَوى والإعْراضِ عَنِ الأدِلَّةِ [الَّتِي] هي أظْهَرُ مِن ساطِعِ الضِّياءِ، وهَذِهِ الآيَةُ نَظِيرُ آيَةِ الرُّومِ ﴿أوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في أنْفُسِهِمْ﴾ [الروم: ٨] أيْ: كَيْفَ خَلَقَهم اللَّهُ مِن طِينٍ، وسَلَّطَ بَعْضَهم عَلى بَعْضٍ بِالظُّلْمِ والعُدْوانِ، وجَعَلَ لَهم آجالًا فاوَتَ بَيْنَها وساوى في ذَلِكَ بَيْنَ الأصْلِ والفَرْعِ، فَأنْتَجَ هَذا أنَّهُ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما إلّا بِالحَقِّ، أيْ: بِسَبَبِ إقامَةِ العَدْلِ في جَمِيعِ ما وقَعَ بَيْنَكم مِنَ الِاخْتِلافِ كَما هو شَأْنُ كُلِّ مالِكٍ في عَبِيدِهِ ﴿وأجَلٌ مُسَمًّى﴾ الآيَةُ. وقالَ الإمامُ أبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ: لَمّا بَيَّنَ - سُبْحانَهُ وتَعالى - حالَ المُتَقَدِّمِينَ وهو الصِّراطُ المُسْتَقِيمُ، وأوْضَحَ ما يُظْهِرُ الحَذَرَ [مِن] جانِبَيْ الأخْذِ والتَّرْكِ، وبَيَّنَ حالَ مَن تَنَكَّبَ عَنْهُ مِمَّنْ كانَ قَدْ يَلْمَحُهُ، وهم (p-١١)اليَهُودُ والنَّصارى، وكَوْنَهم لَمْ يَلْتَزِمُوا الوَفاءَ بِهِ وحادُوا عَمّا أنْهَجَ لَهم، وانْقَضى أمْرُ الفَرِيقَيْنِ ذَمًّا لِحالِهِمْ وبَيانًا لِنَقْضِهِمْ وتَحْذِيرًا لِلْمُتَّقِينَ أنْ يُصِيبَهم ما أصابَهم، وخَتَمَ ذَلِكَ بِبَيانِ حالِ المُوقِنِينَ في القِيامَةِ يَوْمَ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهم، وقَدْ كانَ انْجَرَّ مَعَ ذَلِكَ ذِكْرُ مُشْرِكِي العَرَبِ وصَمَمُهم عَنِ الدّاعِي وعَماهم عَنِ الآياتِ، فَكانُوا أشْبَهَ بِالبَهائِمِ مِنهم بِالأناسِيِّ - أعْقَبَ ذَلِكَ تَعالى بِالإشارَةِ إلى طائِفَةٍ مالَتْ إلى النَّظَرِ والِاعْتِبارِ، فَلَمْ تُوَفَّقْ لِإصابَةِ الحَقِّ وقَصَّرَتْ عَنِ الِاسْتِضاءَةِ بِأنْوارِ الهُدى. ولَيْسُوا مِمَّنْ يَرْجِعُ إلى شَرِيعَةٍ قَدْ حُرِّفَتْ وغُيِّرَتْ، بَلْ هم في صُورَةِ مَن هَمَّ أنْ يَهْتَدِيَ بِهُدى الفِطْرَةِ ويَسْتَدِلَّ بِما بَسَطَ اللَّهُ تَعالى في المَخْلُوقاتِ فَلَمْ يُمْعِنْ النَّظَرَ ولَمْ يُوَفَّقْ فَضَلَّ، وهم: المَجُوسُ وسائِرُ الثَّنَوِيَّةِ مِمَّنْ كانَ قُصارى أمْرِهِ نِسْبَةَ الفِعْلِ إلى النُّورِ والإظْلامِ، ولَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ لِهَؤُلاءِ ذِكْرٌ ولا إخْبارٌ بِحالٍ فَقالَ تَعالى: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ وجَعَلَ الظُّلُماتِ والنُّورَ﴾ [الأنعام: ١] فَبَدَأ تَعالى بِذِكْرِ خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ الَّتِي عَنْها وُجِدَ النُّورُ والظُّلْمَةُ، إذْ الظُّلْمَةُ ظِلالُ هَذِهِ الأجْرامِ، والنُّورُ عَنْ أجْرامٍ نَيِّرَةٍ مَحْمُولَةٍ فِيها [وهِيَ الشَّمْسُ] والقَمَرُ والنُّجُومُ، فَكانَ الكَلامُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أوْضَحَ الأمْرَ لِمَن اعْتَبَرَ واسْتَبْصَرَ، فَعَلِمَ أنَّ وُجُودَ النُّورِ والظُّلْمَةِ مُتَوَقِّفٌ بِحُكْمِ السَّبَبِيَّةِ الَّتِي شاءَها تَعالى عَلى وُجُودِ أجْرامِ السَّماواتِ والأرْضِ (p-١٢)وما أُودِعَ فِيها، ومَعَ بَيانِ الأمْرِ في ذَلِكَ حادَ عَنْهُ مَن عَمِيَ عَنِ الِاسْتِبْصارِ ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام: ١] وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكم مِن طِينٍ﴾ مِمّا يَزِيدُ هَذا المَعْنى وُضُوحًا، فَإنَّهُ تَعالى ذَكَرَ أصْلَنا والمادَّةَ الَّتِي عَنْها أوْجَدْنا، كَما ذَكَرَ لِلنُّورِ والظُّلْمَةِ ما هو كالمادَّةِ، وهو وُجُودُ السَّماواتِ والأرْضِ، وأشْعَرَ لَفْظُ ”جَعْل“ بِتَوَقُّفِ الوُجُودِ بِحَسَبِ المَشِيئَةِ عَلى ما ذُكِرَ، وكانَ قَدْ قِيلَ: أيُّ فَرْقٍ [بَيْنَ] وُجُودِ النُّورِ والظُّلْمَةِ عَنْ وُجُودِ السَّماواتِ والأرْضِ وبَيْنَ وُجُودِكم عَنِ الطِّينِ حَتّى يَقَعَ امْتِراءٌ فِيهِ عَنْ نِسْبَةِ الإيجادِ إلى النُّورِ والظُّلْمَةِ، وهُما لَمْ يُوجَدا إلّا بَعْدَ مادَّةٍ أوْ سَبَبٍ كَما طَرَأ في إيجادِكُمْ؟ فالأمْرُ في ذَلِكَ أوْضَحُ شَيْءٍ ﴿ثُمَّ أنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ ثُمَّ مَرَّتْ السُّورَةُ مِن أوَّلِها إلى آخِرِها مُنَبِّهَةً عَلى بَسْطِ الدِّلالاتِ في المَوْجُوداتِ مَعَ التَّنْبِيهِ عَلى أنَّ ذَلِكَ لا يَصِلُ إلى اسْتِثْمارِ فائِدَتِهِ إلّا مَن هُيِّئَ بِحَسَبِ السّابِقَةِ، فَقالَ تَعالى: ﴿إنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ﴾ [الأنعام: ٣٦] ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿والمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ٣٦] وهو - واللَّهُ أعْلَمُ - مِن نَمَطِ ﴿أوَمَن كانَ مَيْتًا فَأحْيَيْناهُ﴾ [الأنعام: ١٢٢] أُجْمِلَ هُنا ثُمَّ فُسِّرَ بَعْدُ في السُّورَةِ بِعَيْنِها، والمُرادُ أنَّ مِنَ الخَلْقِ مَن جَعَلَهُ اللَّهُ سامِعًا مُطِيعًا مُتَيَقِّظًا مُعْتَبِرًا بِأوَّلِ وهْلَةٍ، وقَدْ أرى المِثالَ - سُبْحانَهُ وتَعالى - في ذَلِكَ في قِصَّةِ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - في قَوْلِهِ: ﴿وكَذَلِكَ نُرِي إبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ [الأنعام: ٧٥] فَكَأنَّهُ يَقُولُ لِعِبادِهِ المُتَّقِينَ: تَعالَوْا فانْهَجُوا طَرِيقَ الِاعْتِبارِ مِلَّةَ أبِيكم (p-١٣)إبْراهِيمَ كَيْفَ نَظَرَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - نَظَرَ السّامِعِ المُتَيَقِّظِ ! فَلَمْ يُعَرِّجْ في أوَّلِ نَظَرِهِ عَلى ما سَبَبُ وجُودِهِ بَيِّنٌ فَيُحْتاجُ فِيهِ إلى غَرَضٍ في الكَواكِبِ والقَمَرِ والشَّمْسِ، بَلْ نَظَرَ فِيما عَنْهُ صَدَرَ النُّورُ، لا في النُّورِ، فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَبًا، فَتَأمَّلْ كَوْنَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَمْ يُطَوِّلْ النَّظَرَ بِالتِفاتِ النُّورِ، ثُمَّ كانَ يَرْجِعُ إلى اعْتِبارِ الجِرْمِ الَّذِي عَنْهُ النُّورُ، بَلْ لَمّا رَأى النُّورَ عَنْ أجْرامٍ سَماوِيَّةٍ تَأمَّلَ تِلْكَ الأجْرامَ وما قامَ بِها مِنَ الصِّفاتِ، فَرَأى الأُفُولَ والطُّلُوعَ والِانْتِقالَ والتَّقَلُّبَ فَقالَ: هَذا لا يَلِيقُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لِأنَّها صِفاتُ حُدُوثٍ، ثُمَّ رَقّى النَّظَرَ إلى القَمَرِ والشَّمْسِ فَرَأى ذَلِكَ الحُكْمَ جارِيًا فِيهِما فَحَكَمَ بِأنَّ وراءَها مُدَبِّرًا لَها يَتَنَزَّهُ عَنِ الِانْتِقالِ والغَيْبَةِ والأُفُولِ فَقالَ: ﴿إنِّي وجَّهْتُ وجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ والأرْضَ﴾ [الأنعام: ٧٩] وخَصَّ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ذِكْرَ هَذَيْنِ لِحَمْلِهِما أجْرامَ النُّورِ وسَبَبِيَّتِهِما في وُجُودِ الظُّلْمَةِ، ثُمَّ تَأمَّلْ هَذا النَّظَرَ مِنهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وكَيْفَ خَصَّ بِالِاعْتِبارِ أشْرَفَ المَوْجُودِينَ وأعْلاهُما، فَكانَ في ذَلِكَ وجْهانِ مِنَ الحِكْمَةِ: أحَدُهُما عُلُوُّ النَّظَرِ ونُفُوذُ البَصِيرَةِ في اعْتِبارِ الأشْرَفِ الَّذِي إذا بانَ مِنهُ الأمْرُ فَهو فِيما سِواهُ أبْيَنُ، فَجَمَعَ بَيْنَ قُرْبِ التَّناوُلِ وعُلُوِّ التَّهَدِّي، والوَجْهُ الثّانِي التَّناسُبُ بَيْنَ حالِ النّاظِرِ والمَنظُورِ فِيهِ والتَّناوُلُ والجَرْيُ عَلى الفِطْرَةِ العَلِيَّةِ، وهو مِن قَبِيلِ «أخْذِ نَبِيِّنا ﷺ اللَّبَنَ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهِ اللَّبَنُ والخَمْرُ فاخْتارَ اللَّبَنَ، فَقِيلَ لَهُ: اخْتَرْتَ الفِطْرَةَ» . ! (p-١٤)فَكانَ قَدْ قِيلَ: هَذا النَّظَرُ والِاعْتِبارُ بِالهامِّ، لا نَظَرُ مَن أخْلَدَ إلى الأرْضِ فَعَمَدَ الضِّياءَ والظَّلامَ، ويَنْبَغِي أنْ يُعْتَمَدَ في قِصَّةِ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - في هَذا الِاعْتِبارِ أنَّهُ ﷺ في قَوْلِهِ: ﴿هَذا رَبِّي﴾ [الأنعام: ٧٦] إنَّما قَصَدَ قَطْعَ حُجَّةِ مَن عَبَدَ شَيْئًا مِن ذَلِكَ إذْ كانَ دِينَ قَوْمِهِ، فَبَسَطَ لَهم الِاعْتِبارَ والدِّلالَةَ، وأخَذَ يَعْرِضُ ما قَدْ تَنَزَّهَ قَدْرُهُ عَنِ المَيْلِ إلَيْهِ، فَهو كَما يَقُولُ المُناظِرُ لِمَن يُناظِرُهُ: هَبْ أنَّ هَذا عَلى ما تَقُولُ.
يُرِيدُ بِذَلِكَ إذْعانَ خَصْمِهِ واسْتِدْعاءَهُ لِلِاعْتِبارِ حَتّى يَكُونَ غَيْرَ مُناظِرٍ لَهُ ما لا يَعْتَقِدُهُ، لِيَبْنِيَ عَلى ذَلِكَ مَقْصُودَهُ لِيُقْلِعَ خَصْمُهُ وهو عَلى يَقِينٍ مِن أمْرِهِ، فَهَذا ما يَنْبَغِي أنْ يُعْتَمَدَ هُنا لِقَوْلِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ﴿ما كانَ لَنا أنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ [يوسف: ٣٨] فالعِصْمَةُ قَدْ اكْتَنَفَتْهم عَمّا يَتَوَهَّمُهُ المُبْطِلُونَ ويَتَقَوَّلُهُ المُفْتَرُونَ، ويَشْهَدُ لِما قُلْناهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ﴾ [الأنعام: ٨٣] فَهَذِهِ حالُ مَن عَلَتْ دَرَجَتُهُ مِنَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، فَمِنَ الخَلْقِ مَن جَعَلَهُ اللَّهُ سامِعًا بِأوَّلِ وهْلَةٍ، وهَذا مِثالٌ شافٍ في ذَلِكَ، ومِنهم المَيِّتُ، والمَوْتى عَلى ضَرْبَيْنِ: مِنهم مَن يُزاحُ [عَنْ] جَهْلِهِ وعَمَهِهِ، ومِنهم مَن يَبْقى في ظُلُماتِهِ مَيْتًا لا حِراكَ بِهِ، يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوَمَن كانَ مَيْتًا فَأحْيَيْناهُ وجَعَلْنا لَهُ (p-١٥)نُورًا يَمْشِي بِهِ في النّاسِ كَمَن مَثَلُهُ في الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنها﴾ [الأنعام: ١٢٢] ولَمّا كانَتْ السُّورَةُ مُتَضَمِّنَةً جِهاتِ الِاعْتِبارِ ومُحَرِّكَةً إلى النَّظَرِ ومُعْلِنَةً مِن مَجْمُوعِ آيِها أنَّ المُعْتَبِرَ والمُتَأمِّلَ - وإنْ لَمْ يَكُنْ مُتَيَقِّظًا بِأوَّلِ وهْلَةٍ، ولا سامِعًا أوَّلَ مُحَرِّكٍ، ولا مُسْتَجِيبًا لِأوَّلِ سامِعٍ - قَدْ يَنْتَقِلُ حالُهُ عَنْ جُمُودِهِ وغَفْلَتِهِ إلى أنْ يَسْمَعَ ويَلْحَقَ بِمَن كانَ يَتَيَقَّظُ في أوَّلِ وهْلَة ناسَبَ تَحْرِيكُ العِبادِ وأمْرُهم بِالنَّظَرِ أنْ تَقَعَ الإشارَةُ في صَدْرِ السُّورَةِ إلى حالَتَيْنِ: حالَةُ السّامِعِينَ لِأوَّلِ وهْلَةٍ، وحالَةُ السّامِعِينَ في ثانِي حالٍ، فَقِيلَ: ﴿إنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ والمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ٣٦] ولَمْ تَقَعْ هُنا إشارَةٌ إلى القِسْمِ الثّالِثِ مَعَ العِلْمِ بِهِ، وهو الباقِي عَلى هُمُودِهِ ومَوْتِهِ مِمَّنْ لَمْ يُحَرِّكْهُ زاجِرٌ ولا واعِظٌ ولا اعْتِبارٌ، ولِأنَّ هَذا الضَّرْبَ لَوْ ذُكِرَ هُنا لَكانَ فِيهِ ما يُكْسِلُ مَن ضَعُفَتْ هِمَّتُهُ، رَجَعَتْ حالَةُ ابْتِدائِهِ، فَقِيلَ: ﴿والمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ٣٦] وأُطْلِقَ لِيَعْمَلَ الكُلُّ عَلى هَذا البَعْثِ مِنَ الجَهْلِ والتَّيَقُّظِ مِن سِنَةِ الغَفْلَةِ كَما دَعا الكُلَّ إلى اللَّهِ دُعاءً واحِدًا فَقِيلَ: ﴿يا أيُّها النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ [البقرة: ٢١] ثُمَّ اخْتَلَفُوا في إجابَةِ الدّاعِي بِحَسَبِ السَّوابِقِ هَكَذا، ورَدُّ هَذا ﴿والمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ٣٦] إسْماعًا لِلْكُلِّ، وفي صُورَةِ التَّساوِي مُناسَبَةٌ لِلدُّعاءِ لِتَقُومَ الحُجَّةُ عَلى العِبادِ، حَتّى إذا انْبَسَطَتْ الدَّلائِلُ وانْشَرَحَتْ الصُّدُورُ لِتَلَقِّيها وتَشَبَّثَتْ النُّفُوسُ (p-١٦)وتَعَلَّقَتْ بِحَسَبِ ما قُدِّرَ، وفازَ بِالخَيْرِ أهْلُهُ، قالَ تَعالى بَعْدَ آيِ: ﴿أوَمَن كانَ مَيْتًا فَأحْيَيْناهُ وجَعَلْنا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ في النّاسِ﴾ [الأنعام: ١٢٢] وكانَ قَدْ قِيلَ [لِمَن] انْتَقَلَ عَنْ حالَةِ المَوْتِ فَرَأى قَدْرَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ بِإحْيائِهِ: هَلْ يُشْبِهُ الآنَ حالُكَ النَّيِّرَةُ - بِما مُنِحْتَ حِينَ اعْتَبَرْتَ - بِحالِكَ الجَمادِيَّةِ ؟ فاشْكُرْ رَبَّكَ واضَّرَّعْ إلَيْهِ في طَلَبِ الزِّيادَةِ، واتَّعِظْ بِحالِ مَن لَزِمَ حالَ مَوْتِهِ فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُ الآياتُ، وهو المُشارُ إلَيْهِ [بِقَوْلِهِ]: ﴿كَمَن مَثَلُهُ في الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنها﴾ [الأنعام: ١٢٢] ﴿إنّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أكِنَّةً أنْ يَفْقَهُوهُ﴾ [الكهف: ٥٧] ﴿ولَوْ أنَّنا نَـزَّلْنا إلَيْهِمُ المَلائِكَةَ وكَلَّمَهُمُ المَوْتى وحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إلا أنْ يَشاءَ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ١١١]
﴿سَواءٌ عَلَيْهِمْ أأنْذَرْتَهم أمْ لَمْ تُنْذِرْهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: ٦] وكَأنَّ القِسْمَ المُتَقَدِّمَ الَّذِي سُمِعَ لِأوَّلِ وهْلَةٍ لَمْ يَكُنْ لِيَقَعَ ذِكْرُهُ هُنا مِن جِهَةِ قَصْدِ أنْ أراهُ قَدْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ وإنْقاذَ المُتَّصِفِ بِها مِن حَيْرَةِ شَكِّ مَوْقِعِها فِيما تَقَدَّمَ مِن قَوْلِهِ ﴿إنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ﴾ [الأنعام: ٣٦] فَذَكَرَ هُنا ما هو واقِعٌ في إراءَةِ قَدْرِ نِعْمَةِ الإنْقاذِ والتَّخْلِيصِ مِن عَمى الجَهْلِ، هَذا حالُ مَن انْتَقَلَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وحالُ مَن بَقِيَ عَلى مَوْتِهِ، أوْ يَكُونُ الضَّرْبانِ قَدْ شَمِلَهُما قَوْلُهُ ﴿أوَمَن كانَ مَيْتًا فَأحْيَيْناهُ﴾ [الأنعام: ١٢٢] وأمّا الثّانِي وهو: الَّذِي ثَبَتَتْ فِيهِ صُورَةُ النَّقْلِ فَأمْرُهُ صَرِيحٌ مِنَ الآيَةِ وأمّا الضَّرْبُ الأوَّلُ وهو السّامِعُ لِأوَّلِ (p-١٧)وهْلَةٍ المَكْفِيُّ المُؤْنَةِ لِواقِي العِصْمَةِ مِن طَوارِقِ الجَهْلِ والشُّكُوكِ، فَدُخُولُهُ [تَحْتَ] مُقْتَضى هَذا اللَّفْظِ مِن حَيْثُ إنَّ وِقايَتَهُ تِلْكَ أوْ سَماعَهُ بِأوَّلِ وهْلَةٍ لَيْسَ مِن جِهَتِهِ ولا بِما سَبَقَ أوْ تُكُلِّفَ، بَلْ بِإسْداءِ الرَّحْمَةِ وتَقْدِيمِ النِّعْمَةِ، ولَوْ أبْقاهُ لِنَفْسِهِ أوْ وكَلَهُ إلَيْها لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ﴿وما بِكم مِن نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: ٥٣] فَبِهَذا النَّظَرِ قَدْ تَكُونُ الآيَةُ قَدْ شَمِلَتْ الضُّرُوبَ الثَّلاثَةَ وهو أوْلى، أمّا سُقُوطُ الضَّرْبِ الثّالِثِ مِن قَوْلِهِ: ﴿إنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ﴾ [الأنعام: ٣٦] فَلِما تَقَدَّمَ، واللَّهُ أعْلَمُ بِما أرادَ، ولَمّا تَضَمَّنَتْ هَذِهِ السُّورَةُ الكَرِيمَةُ مِن بَسْطِ الِاعْتِبارِ وإبْداءِ جِهاتِ النَّظَرِ ما إذا تَأمَّلَهُ المُتَأمِّلُ عَلِمَ أنَّ حُجَّةَ اللَّهِ قائِمَةٌ عَلى العِبادِ، وأنَّ إرْسالَ الرُّسُلِ رَحْمَةٌ ونِعْمَةٌ وفَضْلٌ وإحْسانٌ، وإذا كانَتْ الدِّلالاتُ مَبْسُوطَةً والمَوْجُوداتُ مُشاهَدَةً مُفْصِحَةً، ودِلالَةُ النَّظَرِ مِن سَمْعٍ وأبْصارٍ وأفْئِدَةٍ مُوجُودَةً، فَكَيْفَ يَتَوَقَّفُ عاقِلٌ في عَظِيمِ رَحْمَتِهِ تَعالى بِإرْسالِ الرُّسُلِ ! فَتَأكَّدَتْ الحُجَّةُ وتَعاضَدَتْ البَراهِينُ، فَلَمّا عَرَفَ الخَلْقُ لِقِيامِ الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ بِطَرِيقَيْ الإصْغاءِ إلى الدّاعِي والِاعْتِبارِ بِالصَّنْعَةِ قالَ تَعالى: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البالِغَةُ﴾ [الأنعام: ١٤٩] ﴿فَقَدْ جاءَكم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكم وهُدًى ورَحْمَةٌ﴾ [الأنعام: ١٥٧] فِيما عُذْرُ المُعْتَذِرِ بَعْدَ هَذا؟ أتُرِيدُونَ كَشْفَ الغِطاءِ ورُؤْيَةَ الأمْرِ عِيانًا! لَوْ اسْتَبْصَرْتُمْ لَحَصَلَ لَكم ما مُنِحْتُمْ،
﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أنْ تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] ثُمَّ خُتِمَتْ السُّورَةُ مِنَ التَّسْلِيمِ والتَّفْوِيضِ (p-١٨)بِما يُجْدِي مَعَ قَوْلِهِ: ﴿فَلَوْ شاءَ لَهَداكم أجْمَعِينَ﴾ [الأنعام: ١٤٩] وحَصَلَ مِنَ السُّوَرِ الأرْبَعِ بَيانُ أهْلِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ وطَبَقاتُهم في سُلُوكِهِمْ وما يَنْبَغِي لَهم التِزامُهُ أوْ تَرْكُهُ، وبَيانُ حالِ المُتَنَكِّبِينَ عَنْ سُلُوكِهِ مِنَ اليَهُودِ والنَّصارى وعَبَدَةِ الأوْثانِ والمَجُوسِ. انْتَهى.
{"ayah":"هُوَ ٱلَّذِی خَلَقَكُم مِّن طِینࣲ ثُمَّ قَضَىٰۤ أَجَلࣰاۖ وَأَجَلࣱ مُّسَمًّى عِندَهُۥۖ ثُمَّ أَنتُمۡ تَمۡتَرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق