الباحث القرآني

ولَمّا أخْبَرَ أنَّ أمْرَهم لَيْسَ إلّا إلَيْهِ، كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: فَماذا يَفْعَلُ بِهِمْ حِينَئِذٍ؟ فَأُجِيبَ بِقَوْلِهِ: ﴿مَن جاءَ﴾ أيْ: مِنهم أوْ مِن غَيْرِهِمْ ﴿بِالحَسَنَةِ﴾ أيْ: الكامِلَةِ بِكَوْنِها عَلى أساسِ الإيمانِ ﴿فَلَهُ﴾ مِنَ الحَسَناتِ ﴿عَشْرُ أمْثالِها﴾ كَرَمًا وإحْسانًا وجُودًا وامْتِنانًا، يُجازِيهِ بِذَلِكَ في الدُّنْيا أوْ في الآخِرَةِ، وهَذا المُحَقَّقُ لِكُلِّ أحَدٍ ويَزْدادُ البَعْضُ وُضُوحًا بِحَسَبِ النِّيّاتِ، وذَكَرَ العَشْرَ؛ لِأنَّهُ بِمَعْنى الحَسَنَةِ، وهو مُضافٌ إلى ضَمِيرِها. ولَمّا تَضَمَّنَ قَوْلُهُ: ﴿وأوْفُوا الكَيْلَ والمِيزانَ بِالقِسْطِ﴾ [الأنعام: ١٥٢] مَعَ تَعْقِيبِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلا وُسْعَها﴾ [الأنعام: ١٥٢] الإشارَةَ إلى أنَّ المُساواةَ في الجَزاءِ مِمّا يَنْقَطِعُ دُونَهُ أعْناقُ الخَلْقِ - أخْبَرَ أنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ هَيِّنٌ لِأنَّ عَمَلَهُ شامِلٌ وقُدْرَتَهُ كامِلَةٌ بِقَوْلِهِ: (p-٣٣٧)﴿ومَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ أيْ: أيِّ شَيْءٍ كانَ مِن هَذا الجِنْسِ ﴿فَلا يُجْزى﴾ أيْ: في الدّارَيْنِ ﴿إلا مِثْلَها﴾ [إذا جُوزِيَ، ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ] . ولَمّا كانَتْ المُماثَلَةُ لا يَلْزَمُ كَوْنُها مِن كُلِّ وجْهٍ وإنْ كانَتْ ظاهِرَةً في ذَلِكَ لا سِيَّما في هَذِهِ العِبارَةِ، صَرَّحَ بِما هو ظاهِرُهُ لِأنَّهُ أطْيَبُ لِلنَّفْسِ وأسْكَنُ لِلرَّوْعِ - فَقالَ: ﴿وهم لا يُظْلَمُونَ﴾ أيْ: بِكَوْنِها مِثْلَها في الوَحْدَةِ وإنْ كانَتْ أكْبَرَ أوْ مِن جِنْسٍ أشَدَّ مِن جِنْسِها ونَحْوَ ذَلِكَ، بَلْ المُماثَلَةُ مَوْجُودَةٌ في الكَمِّ والكَيْفِ، فَلا يُنْقَصُ أحَدٌ في ثَوابٍ ولا يُزادُ في عِقابٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب