الباحث القرآني

ولَمّا انْتَفى أنْ يَكُونَ لَهم حُجَّةٌ، وثَبَتَ أنَّ الأمْرَ إنَّما هو لِلَّهِ - ثَبَتَ أنَّهُ المُخْتَصُّ بِالحُجَّةِ الواضِحَةِ، فَقالَ مُسَبِّبًا عَنْ ذَلِكَ: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ﴾ أيْ: الإلَهِ الأعْظَمِ وحْدَهُ ﴿الحُجَّةُ البالِغَةُ﴾ أيْ: الَّتِي بَلَغَتْ أعْلى دَرَجاتِ الحَقِّ قُوَّةً ومَتانَةً وبَيانًا ووُضُوحًا ورَصانَةً بِسَبَبِ أنَّهُ شامِلُ العِلْمِ كامِلُ القُدْرَةِ كَما أقْرَرْتُمْ بِذَلِكَ حِينَ قُلْتُمْ: و﴿لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أشْرَكْنا﴾ [الأنعام: ١٤٨] وإنْ كُنْتُمْ قُلْتُمُوهُ عَلى سَبِيلِ الإلْزامِ والعِنادِ لا لِأجْلِ التَّدَيُّنِ والِاعْتِقادِ ﴿فَلَوْ شاءَ﴾ أيْ: اللَّهُ ﴿لَهَداكُمْ﴾ أيْ: أنْتُمْ ومُخالِفِيكم ﴿أجْمَعِينَ﴾ ولَكِنَّهُ لَمْ يَشَأْ ذَلِكَ، بَلْ شاءَ هِدايَةَ بَعْضٍ وضَلالَ آخَرِينَ، فَوَقَعَ ذَلِكَ عَلى الوَجْهِ الَّذِي شاءَهُ، فَلَزِمَ عَلى قَوْلِكم أنْ يَكُونَ الفَرِيقانِ مُحِقِّينَ، فَيَكُونُ الشَّيْءُ الواحِدُ حَقًّا وغَيْرَ حَقٍّ في حالٍ واحِدٍ، وهَذا لا يَقُولُهُ عاقِلٌ، ويَلْزَمُكم عَلى ذَلِكَ أيْضًا أنْ تُوالُوا أخْصامُكم ولا تُعادُوهم وإنْ فَعَلُوا ما فَعَلُوا؛ لِأنَّهُ حَقُّ رِضى اللَّهِ لِأنَّهُ بِمَشِيئَتِهِ وأنْتُمْ لا تَقُولُونَ ذَلِكَ، فَبَطَلَ قَوْلُكم فَثَبَتَ أنَّهُ قَدْ يَشاءُ الباطِلَ لِأنَّهُ لا يُسْألُ عَمّا يَفْعَلُ ويُرْسِلُ الرُّسُلَ إلَيْكم لِإزالَتِهِ لِيُقِيمَ بِهِمْ الحُجَّةَ عَلى مَن يُرِيدُ عِقابَهُ عَلى ما يَتَعارَفُهُ النّاسُ بَيْنَهم، ووُرُودُ الأمْرِ عَلى خِلافِ الإرادَةِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب