الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ إقْدامَهم عَلى ما قَبَّحَهُ الشَّرْعُ، ولامَهُ عَلى تَقْبِيحِهِ العَقْلُ مِن قَتْلِ الأوْلادِ، أتْبَعَهُ إحْجامَهم عَمّا حَسَّنَهُ الشَّرْعُ مِن ذَبْحِ بَعْضِ الأنْعامِ لِنَفْعِهِمْ، وضَمَّ إلَيْهِ جُمْلَةً مِمّا مَنَعُوا أنْفُسَهم مِنهُ ودانُوا بِهِ لِمُجَرَّدِ أهْوائِهِمْ فَقالَ: ﴿وقالُوا﴾ أيْ: المُشْرِكُونَ سَفَهًا وجَهْلًا ﴿هَذِهِ﴾ إشارَةً إلى قِطْعَةٍ مِن أمْوالِهِمْ عَيَّنُوها لِآلِهَتِهِمْ ﴿أنْعامٌ وحَرْثٌ حِجْرٌ﴾ أيْ: حَرامٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَلا يَصِلُ أحَدٌ إلَيْهِ، وهو وصْفٌ يَسْتَوِي فِيهِ الواحِدُ والجَمْعُ والمُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ؛ لِأنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الأسْماءِ غَيْرِ الصِّفاتِ ﴿لا يَطْعَمُها﴾ أيْ: يَأْكُلُ مِنها ﴿إلا مَن نَشاءُ﴾ أيْ: مِنَ السَّدَنَةِ ونَحْوِهِمْ ﴿بِزَعْمِهِمْ﴾ أيْ: بِتَقَوُّلِهِمْ بِمُجَرَّدِ الهَوى مِن غَيْرِ سَنَدٍ عَنِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَلَكُوتُ السَّماواتِ والأرْضِ، وهم كاذِبُونَ في هَذا الزَّعْمِ في أصْلِ التَّحْرِيمِ وفي نُفُوذِ المَنعِ، فَلَوْ أرادَ اللَّهُ أنْ تُؤْكَلَ لَأُكِلَتْ ولَمْ يَقْدِرُوا عَلى مَنعٍ ﴿وأنْعامٌ﴾ ولَمّا كانَ ذَمُّهم عَلى مُجَرَّدِ التَّجْرِيمِ لا عَلى كَوْنِهِ مِن مُعَيَّنٍ، بُنِيَ لِلْمَجْهُولِ قَوْلُهُ: ﴿حُرِّمَتْ ظُهُورُها﴾ يَعْنِي: البَحائِرَ وما مَعَها فَلا تُرْكَبُ ﴿وأنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ﴾ أيْ: هَؤُلاءِ المُتَقَوِّلُونَ عَلى اللَّهِ ﴿اسْمَ اللَّهِ﴾ الَّذِي حازَ جَمِيعَ العَظَمَةِ ﴿عَلَيْها﴾ أيْ: في الذَّبْحِ أوْ غَيْرِهِ ﴿افْتِراءً﴾ أيْ: تَعَمُّدًا لِلْكَذِبِ ﴿عَلَيْهِ﴾ (p-٢٨٥)ولَمّا كانَ هَذا لِعِظَمِهِ مِن جِهَةِ أنَّهُ تَعَمُّدٌ لِلْكَذِبِ عَلى مَلِكِ المُلُوكِ [مَوْضِعَ] تَشَوُّفِ السّامِعِ إلى ما يَكُونُ عَنْهُ - اسْتَأْنَفَ قَوْلَهُ: ﴿سَيَجْزِيهِمْ﴾ أيْ: بِوَعْدٍ صادِقٍ لا خُلْفَ فِيهِ ﴿بِما﴾ أيْ: بِسَبَبِ ما ﴿كانُوا﴾ أيْ: جِبِلَّةً وطَبْعًا ﴿يَفْتَرُونَ﴾ أيْ: يَتَعَمَّدُونَ مِنَ الكَذِبِ، أمّا بَعْدَ إظْهارِ الحَقِّ فَواضِحٌ، وأمّا قَبْلَهُ فَلِكَوْنِهِ في غايَةِ ما يَكُونُ مِن ظُهُورِ الفَسادِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب