الباحث القرآني

ولَمّا بَيَّنَ - سُبْحانَهُ - أنَّ لِأحَدِ الفَرِيقَيْنِ دارَ السَّلامِ، والآخَرِ دارَ المَلامِ - قالَ جامِعًا لِلْفَرِيقَيْنِ عاطِفًا عَلى قَوْلِهِ ﴿لَهم دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الأنعام: ١٢٧] ﴿ولِكُلٍّ﴾ أيْ: [عامِلٍ مِنَ] الفَرِيقَيْنِ صالِحٍ أوْ طالِحٍ [فِي قَبِيلَيِ الجِنِّ والإنْسِ] في الدّارَيْنِ ﴿دَرَجاتٌ﴾ أيْ: يُعْلِيهِمْ اللَّهُ بِها ﴿مِمّا﴾ أيْ: مِن أجْلِ ما ﴿عَمِلُوا﴾ ودَرَكاتٌ يُهْوِيهِمْ فِيها كَذَلِكَ. ولَمّا تَقَدَّمَ أنَّهُ تَعالى لا يُهْلِكُ المُجْرِمِينَ إلّا بَعْدَ الإعْذارِ إلَيْهِمْ، وتَضَمَّنَ ذَلِكَ إمْهالَهم، وخَتَمَ أحْوالَهم بِأنَّهم مَوْضِعٌ لِثُبُوتِ الغَفْلَةِ ودَوامِها - نَفى أنْ يَسْلَمَ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ بِجَنابِ عَظَمَتِهِ عَلى وجْهٍ أثْبَتَ لَهُ ذَلِكَ إحاطَةَ العِلْمِ بِجَمِيعِ أعْمالِهِمْ، فَقالَ: ﴿وما رَبُّكَ﴾ أيْ: المُحْسِنُ إلَيْكَ بِإعْلاءِ أوْلِيائِكَ وإسْفالِ أعْدائِكَ، وأغْرَقَ في النَّفْيِ لِإثْباتِ مَزِيدِ العِلْمِ فَقالَ: (p-٢٧٥)﴿بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ﴾ أيْ: عَنْ شَيْءٍ يَعْمَلُهُ أحَدٌ مِنَ الفَرِيقَيْنِ، بَلْ هو عالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ مِن ذَلِكَ وبِما يَسْتَحِقُّهُ العامِلُ قادِرٌ عَلى جَزائِهِ، فَلا يَقَعُ في وهْمِ أنَّ الإمْهالَ لِخَفاءِ الِاسْتِحْقاقِ بِخَفاءِ المُوجِبِ لَهُ، [فالآيَةُ مِنَ النُّصُوصِ في كِتابَةِ الصّالِحِينَ مِنَ الجِنِّ] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب