الباحث القرآني

ولَمّا اسْتَنارَتْ الأدِلَّةُ اسْتِنارَةَ الشَّمْسِ وانْتَصَبَتْ البَراهِينُ حَتّى لَمْ يَبْقَ أصْلًا نَوْعُ لَبْسٍ، عَمَّ بِالخَبَرِ عَمّا تَقَدَّمَ مِمّا يُشاهِدُونَهُ وغَيْرَهُ، فَقالَ ذاكِرًا الزَّمانَ بَعْدَ المَكانِ، وقَدَّمَهُ لِأنَّهُ أظْهَرُ، والمَعْلَمُ الكامِلُ هو الَّذِي يَبْدَأُ بِالأظْهَرِ فالأظْهَرِ مُتَرَقِّيًا إلى الأخْفى فالأخْفى، فَتَمَّ بِذَلِكَ الخَبَرُ عَنِ الزَّمانِ والزَّمانِيّاتِ والمَكانِ والمَكانِيّاتِ: ﴿ولَهُ﴾ أيْ: وحْدَهُ ﴿ما سَكَنَ﴾ أيْ: حَلَّ وتَحَيَّزَ وحَصَلَ ﴿فِي اللَّيْلِ والنَّهارِ﴾ أيْ: ما مِن شَأْنِهِ أنْ يَسْكُنَ فِيهِما وإنْ كانَ مُتَحَرِّكًا، ولَكِنَّهُ عَبَّرَ بِذَلِكَ دُونَ التَّحَرُّكِ لِأنَّها دارُ المَوْتِ، ودَخَلَ في ذَلِكَ النُّورُ والظُّلْمَةُ اللَّذانِ أشْرَكَ بِهِما مَن أشْرَكَ. ولَمّا دَلَّ ما مَضى عَلى القُدْرَةِ التّامَّةِ، وانْقَسَمَ إلى مُتَحَرِّكٍ وساكِنٍ، (p-٣٤)وكانَتْ القُدْرَةُ لا تَتِمُّ إلّا بِالعِلْمِ، دَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿وهُوَ﴾ أيْ: لا غَيْرُهُ ﴿السَّمِيعُ﴾ أيْ: البالِغُ السَّمْعِ لِكُلِّ مُتَحَرِّكٍ ﴿العَلِيمُ﴾ أيْ: العامُّ العِلْمِ بِالبَصَرِ والسَّمْعِ وغَيْرِهِما بِكُلِّ مُتَحَرِّكٍ وبِكُلِّ ساكِنٍ مِن أقْوالِكم وأفْعالِكم وغَيْرِهِما، فَلا تَطْمَعُوا في أنْ يُتْرَكَ شَيْءٌ مِن مُجازاتِكم، والعَلِيمُ هُنا أبْلَغُ مِنَ البَصِيرِ، وذَلِكَ مِثْلُ ما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ أتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكم ضَرًّا ولا نَفْعًا واللَّهُ هو السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ [المائدة: ٧٦] وهو تَرْجَمَةُ قَوْلِهِ: ﴿يَعْلَمُ سِرَّكم وجَهْرَكم ويَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ﴾ [الأنعام: ٣]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب