الباحث القرآني

ولَمّا [عَلِمَ اللَّهُ تَعالى أنَّهم يَقُولُونَ في جَوابِ هَذا: إنْ هَذا إلّا أساطِيرُ الأوَّلِينَ]، أمَرَهُ ﷺ بَعْدَ ما مَضى مِنَ التَّعْجِيبِ مِن كَوْنِهِمْ لَمْ يَنْظُرُوا بِقُلُوبِهِمْ أوْ أبْصارِهِمْ مَصارِعَ الماضِينَ في قَوْلِهِ: ﴿ألَمْ يَرَوْا كَمْ أهْلَكْنا﴾ [الأنعام: ٦] أنْ يَأْمُرَهم بِأنْ يُشاهِدُوا مَصارِعَ مَن تَمَكَّنَ في قُلُوبِهِمْ عِلْمُ أنَّهم أُهْلِكُوا بِمِثْلِ تَكْذِيبِهِمْ مِن قَوْمِ صالِحٍ ولُوطٍ وشُعَيْبٍ وغَيْرِهِمْ لِيُغْنِيَهم ذَلِكَ عَنْ مُشاهَدَةِ ما اقْتَرَحُوا، فَقالَ تَعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا﴾ أيْ: أوْقِعُوا السَّيْرَ لِلِاعْتِبارِ ولا تَغْتَرُّوا بِإمْهالِكم وتَمْكِينِكم ﴿فِي الأرْضِ﴾ - الآيَةُ، وهي كالدَّلِيلِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إنْ هَذا إلا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [الأنعام: ٧] ولَمّا كانَ السِّياقُ لِلتَّهْدِيدِ بِالتَّحْذِيرِ مِن مِثْلِ أخْذِ الأُمَمِ الماضِيَةِ، وكانَ قَدْ سَلَفَ أنَّهُ لا تَقْدَمُهم عَنْ آجالِهِمْ، أمْهَلَهم في النَّظَرِ فَإنَّهُ أقْوى في التَّهْدِيدِ، وأدَلُّ عَلى القُدْرَةِ، وأدْعى إلى النَّصْفَةِ ولا سِيَّما والسُّورَةُ مِن أوائِلِ القُرْآنِ نُزُولًا وأوائِلِهِ تَرْتِيبًا، فَقالَ: ﴿ثُمَّ انْظُرُوا﴾ وأشارَ إلى أنَّ هَذا أهْلٌ لِأنْ يُسْألَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ﴾ أيْ: آخِرُ أمْرِ (p-٣٠)﴿المُكَذِّبِينَ﴾ أيْ: أنْعِمُوا النَّظَرَ وبالِغُوا في التَّفَكُّرِ وأطِيلُوا التَّدَبُّرَ إذا رَأيْتُمْ آثارَ المُعَذَّبِينَ لِأجْلِ تَكْذِيبِ الرُّسُلِ، فَإنَّكم إذا شاهَدْتُمْ تِلْكَ الآثارَ كَمُلَ لَكم الِاعْتِبارُ وقَوِيَ الِاسْتِبْصارُ، وذَلِكَ إشارَةٌ إلى أنَّ الأمْرَ في غايَةِ الِانْكِشافِ، فَكُلَّما طالَ الفِكْرُ فِيهِ ازْدادَ ظُهُورًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب