الباحث القرآني

ولَمّا خَتَمَ بِالتَّنْزِيهِ عَمّا قالُوا مِنَ الشَّرِيكِ والوَلَدِ، اسْتَدَلَّ عَلى ذَلِكَ التَّنْزِيهِ بِأنَّ الكُلَّ خَلْقُهُ، مُحِيطٌ بِهِمْ عِلْمُهُ، ولَنْ يَكُونَ المَصْنُوعُ كالصّانِعِ، فَقالَ: ﴿بَدِيعُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ أيْ: مُبْدِعُهُما، ولَهُ صِفَةُ الإبْداعِ، أيْ: القُدْرَةِ عَلى الِاخْتِراعِ ثابِتَةٌ، ومَن كانَ كَذَلِكَ فَهو غَنِيٌّ عَنِ التَّوْلِيدِ؛ فَلِذا حَسُنَ التَّعَجُّبُ في قَوْلِهِ: ﴿أنّى﴾ أيْ: كَيْفَ ومِن أيِّ وجْهٍ ﴿يَكُونُ لَهُ ولَدٌ﴾ وزادَ في التَّعْجِيبِ بِقَوْلِهِ: ﴿ولَمْ﴾ أيْ: الحالُ أنَّهُ لَمْ ﴿تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ﴾ والحالُ أنَّهُ ﴿وخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ أيْ: مَقْدُورٍ مُمْكِنٍ مِن كُلِّ صاحِبَةٍ تُفْرَضُ، وكُلِّ ولَدٍ يُتَوَهَّمُ، وكُلِّ شَرِيكٍ يُدَّعى، فَكَيْفَ يَكُونُ المُبْدِعُ مُحْتاجًا إلى شَيْءٍ مِن ذَلِكَ عَلى وجْهِ التَّوْلِيدِ أوْ غَيْرِهِ. (p-٢١٨)ولَمّا كانَتْ القُدْرَةُ لا تَتِمُّ إلّا بِشُمُولِ العِلْمِ قالَ: ﴿وهُوَ﴾ ولَمْ يُضْمِرْ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ عُمُومَ العِلْمِ لا تَخْصِيصَ فِيهِ كالخَلْقِ فَقالَ: ﴿بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ أيْ: فَهو عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؛ لِأنَّ شُمُولَ العِلْمِ يَلْزَمُهُ تَمامُ القُدْرَةِ - كَما يَأْتِي بُرْهانُهُ - إنْ شاءَ اللَّهُ - في ( طَهَ )، ومَن كانَ لَهُ ولَدٌ لَمْ يَكُنْ مُحِيطَ العِلْمِ ولا القُدْرَةِ، بَلْ يَكُونُ مُحْتاجًا إلى التَّوْلِيدِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب