الباحث القرآني

ولَمّا كانَ مِن جُمْلَةِ صِفاتِ المُخْتالِ المُكاثِرِ بِالمالِ البُخْلُ، وكانَ قَدْ تَقَدَّمَ الحَثُّ عَلى الإنْفاقِ، وكانَ ما يُوجِبُهُ لَذَّةُ الفَخارِ والِاخْتِيالِ (p-٢٩٨)الَّتِي أوْصَلَ إلَيْها المالُ حامِلَةً عَلى البُخْلِ خَوْفًا مِنَ الإقْتارِ المُوجِبِ عِنْدَ أهْلِ الدُّنْيا لِلصَّغارِ، قالَ تَعالى واصِفًا لِلْمُخْتالِ أوْ لِكُلّ: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾ أيْ يُوجِدُونَ هَذِهِ الحَقِيقَةَ مَعَ الِاسْتِمْرارِ ﴿ويَأْمُرُونَ النّاسَ﴾ أيْ كُلَّ مَن يَعْرِفُونَهُ ﴿بِالبُخْلِ﴾ إرادَةَ أنْ يَكُونَ لَهم رُفَقاءُ يَعْمَلُونَ بِأعْمالِهِمُ الخَبِيثَةِ فَيُحامُونَ عَنْهم أوْ أنَّهم يُوجِبُونَ بِأعْمالِهِمْ مِنَ التَّكَبُّرِ والبَطَرِ في الأمْوالِ الَّتِي حَصَّلَها لَهُمُ البُخْلُ اسْتِدْراجًا مِنَ اللَّهِ لَهم بُخْلَ غَيْرِهِمْ لِأنَّهُ إذا رَآهم عُظِّمُوا بِالمالِ بَخِلَ لِيَكْثُرَ مالُهُ ويُعَظَّمَ، وذَلِكَ كُلُّهُ نَتِيجَةُ فَرَحِهِمْ بِالمَوْجُودِ وبَطَرِهِمْ عِنْدَ إصابَتِهِ، فَكانُوا آمِرِينَ بِالبُخْلِ لِكَوْنِهِمْ أسْبابًا لَهُ والسَّبَبُ كالآمِرِ في إيجادِ شَيْءٍ. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فَمَن أقْبَلَ عَلى ما نُدِبَ [إلَيْهِ] مِنَ الإقْراضِ الحَسَنِ والأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ فَإنَّ اللَّهَ شَكُورٌ حَلِيمٌ، عَطَفَ عَلَيْهِ [قَوْلَهُ] ذامًّا لِلْبُخْلِ مُحَذِّرًا مِنهُ: ﴿ومَن يَتَوَلَّ﴾ أيْ يُكَلِّفْ نَفْسَهُ [مِن] الإعْراضِ ضِدَّ ما في فِطْرَتِهِ مِن مَحَبَّةِ الخَيْرِ والإقْبالِ عَلى اللَّهِ ﴿فَإنَّ اللَّهَ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ جَمِيعُ صِفاتِ الكَمالِ ﴿هُوَ﴾ أيْ وحْدَهُ ﴿الغَنِيُّ﴾ أيْ عَنْ مالِهِ وإنْفاقِهِ وكُلُّ شَيْءٍ إلى اللَّهِ مُفْتَقِرٌ ﴿الحَمِيدُ﴾ أيِ المُسْتَحِقُّ لِلْحَمْدِ وسَواءٌ حَمَدَهُ الحامِدُونَ أمْ لا، وقِراءَةُ نافِعٍ وابْنِ عامِرٍ بِإسْقاطِ [هُوَ] مُفِيدَةٌ لِحَصْرِ المُبْتَدَأِ في الخَبَرِ لِلتَّعْرِيفِ وإنْ كانَتْ قِراءَةُ الجَماعَةِ آكَدَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب