الباحث القرآني

ولَمّا فَضَّلَ السّابِقِينَ بِالإنْفاقِ، ووَعَدَ بِالحُسْنى اللّاحِقِينَ بِحُسْنِ الِاتِّباعِ، وأشارَ إلى أنَّهُ رُبَّما ألْحَقَهم بِبَعْضِهِمْ بِصَفاءِ الإخْلاصِ فَتَوَفَّرَتِ الدَّواعِي عَلى البَذْلِ، أثْمَرَ ذَلِكَ قَوْلَهُ مُسَمِّيًا الصَّدَقَةَ الَّتِي صُورَتُها [صُورَةُ] إخْراجٍ مِن غَيْرِ عِوَضٍ بِاسْمِ القَرْضِ الَّذِي هو إخْراجٌ بِعِوَضٍ تَرْغِيبًا فِيها لِما أعَدَّ عَلَيْها مِنَ الجَزاءِ المُحَقَّقِ فَكَيْفَ إذا كانَ مُضاعَفًا: ﴿مَن﴾ وأكَّدَ بِالإشارَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿ذا﴾ لِأجْلِ ما لِلنُّفُوسِ مِنَ الشُّحِّ ﴿الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ﴾ أيْ يُعْطِي الَّذِي لَهُ جَمِيعُ صِفاتِ الجَلالِ والإكْرامِ بِإعْطاءِ المُسْتَحِقِّ لِأجْلِهِ عَطاءً مِن مالِهِ هو عَلى صُورَةِ القَرْضِ لِرَجائِهِ الثَّوابَ ﴿قَرْضًا حَسَنًا﴾ أيْ طَيِّبًا خالِصًا فِيهِ مُتَحَرِّيًا بِهِ أفْضَلَ الوُجُوهِ طَيِّبَةً بِهِ النَّفْسُ مِن غَيْرِ مَنٍّ ولا كَدَرٍ بِتَسْوِيفٍ ونَحْوِهِ. ولَمّا كانَ ما يُعْطِي اللَّهُ المُنْفِقَ مِنَ الجَزاءِ مُسَبَّبًا عَنْ إنْفاقِهِ، رَبَطَهُ بِالفاءِ فَقالَ عَطْفًا عَلى ﴿يُقْرِضُ﴾ ﴿فَيُضاعِفَهُ لَهُ﴾ مُرَغِّبًا فِيهِ بِجَعْلِهِ مُبالَغًا بِالتَّضْعِيفِ أوَّلًا وجَعْلِهِ مِن بابِ المُفاعَلَةِ ثانِيًا، وكَذا التَّفْضِيلُ (p-٢٧١)فِي قِراءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ وابْنِ عامِرٍ ويَعْقُوبَ ”فَيُضْعِفُهُ“ وقَرَأهُ ابْنُ عامِرٍ [ويَعْقُوبُ]بِالنَّصْبِ جَوابًا لِلِاسْتِفْهامِ تَأْكِيدًا لِلرَّبْطِ والتَّسْبِيبِ. ولَمّا كانَتِ المُضاعَفَةُ مِنهُ سُبْحانَهُ لا يَعْلَمُ كُنْهَها إلّا هو قالَ: ﴿ولَهُ﴾ أيِ المُقْرِضِ مِن بَعْدِ ما تَعْقِلُونَهُ مِنَ المُضاعَفَةِ زِيادَةً عَلى ذَلِكَ ﴿أجْرٌ﴾ لا يَعْلَمُ قَدْرَهُ إلّا اللَّهُ، وهو مَعْنى وصْفِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿كَرِيمٌ﴾ أيْ حَسَنٌ طَيِّبٌ زاكٍ نامٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب