الباحث القرآني

ولَمّا كانَ قَدْ ذَكَرَ سُبْحانَهُ الخارِجَ مِنهُ بِماءِ السَّماءِ، ذَكَرَ السّائِرَ عَلَيْهِ بِالهَواءِ، وأشارَ بِتَقْدِيمِ الجارِّ إلى أنَّ السّائِرَ في الفُلْكِ لا تَصْرِيفَ لَهُ، وإنْ ظَهَرَ لَهُ تَصْرِيفٌ فَهو لِضَعْفِهِ كَلا تَصْرِيفٍ، فَقالَ: ﴿ولَهُ﴾ أيْ: لا لِغَيْرِهِ، فَلا تَغْتَرُّوا بِالأسْبابِ الظّاهِرَةِ فَتَقِفُوا مَعَها فَتُسْنِدُوا شَيْئًا مِن ذَلِكَ إلَيْها كَما وقَفَ أهْلُ الِاغْتِرارِ بِالشّاهِدِ، الَّذِينَ هم أجْمَدُ أهْلِ الأرْضِ أذْهانًا وأحْقَرُهم شَأْنًا فَقالُوا بِالِاتِّحادِ والوَحْدَةِ ﴿الجَوارِ﴾ أيِ: السُّفُنُ الكِبارُ والصِّغارُ الفارِغَةُ والمَشْحُونَةُ. ولَمّا كانَتْ حَياةُ كُلِّ شَيْءٍ كَوْنَهُ عَلى صِفَةِ كَمالِهِ، وكانَتِ السُّفُنُ تُبْنى مِن خَشَبٍ مُجَمَّعٍ وتُوصَلُ حَتّى تَصِيرَ عَلى هَيْئَةٍ تَقْبَلُ المَنافِعَ الجَمَّةَ، وكانَتْ تُرَبّى بِذَلِكَ الجَمْعِ كَما تُرَبِّي النَّباتَ والحَيَوانَ، وكانَتْ تَرْتَفِعُ عَلى البَحْرِ ويُرْفَعُ شِراعُها وتَحْدُثُ في البَحْرِ بَعْدَ أنْ كانَتْ مُسْتَتِرَةً بِجِبالِ الأمْواجِ قالَ تَعالى: ﴿المُنْشَآتُ﴾ مِن نَشَأ - إذا حَيِيَ ورَبا، والسَّحابَةُ: ارْتَفَعَتْ، وأصْلُ النّاشِئِ كُلُّ ما حَدَثَ بِاللَّيْلِ وبَدَأ، ومَعْنى قِراءَةِ حَمْزَةَ وأبِي بَكْرٍ بِكَسْرِ الشِّينِ أنَّها رافِعَةٌ شِراعَها بِسَبَبِ اسْتِمْساكِها عَنِ الرُّسُوبِ ومُنْشِئَةٌ لِلسَّيْرِ، ومَعْنى قِراءَةِ الباقِينَ أنَّهُ أنْشَأها الصّانِعُ وأرْسَلَها ورَفَعَ شِراعَها. (p-١٦٤)ولَمّا كانَتْ مَعَ كَوْنِها عالِيَةً عَلى الماءِ مُنْغَمِسَةً فِيهِ مَعَ أنَّهُ لَيْسَ لَها مِن نَفْسِها إلّا الرُّسُوبُ والغَوْصُ قالَ: ﴿فِي البَحْرِ﴾ ولَمّا كانَتْ تُرى عَلى البُعْدِ كالجِبالِ عَلى وجْهِ الماءِ قالَ: ﴿كالأعْلامِ﴾ أيْ:كالجِبالِ الطِّوالِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب