ولَمّا بَلَغَتْ هَذِهِ المَواعِظُ الِانْتِهاءَ، وعَلَتْ أقْدامُها عَلى رُتْبَةِ السُّها، (p-١٣٠)ولَمْ يُبِنْ ذَلِكَ كُفّارَ قُرَيْشٍ عَنْ شِرادِهِمْ، ولا فَتَّرَ مِن جُحُودِهِمْ وعِنادِهِمْ، كانَ لِسانُ حالِهِمْ قائِلًا: إنّا لا نَخافُ شَيْئًا مِن هَذا، فَكانَ الحالُ مُقْتَضِيًا لِأنْ يُقالَ لَهم إلْزامًا بِالحُجَّةِ: ﴿أكُفّارُكُمْ﴾ الرّاسِخُونَ مِنكم في الكُفْرِ الثّابِتُونَ عَلَيْهِ يا أيُّها المُكَذِّبُونَ لِهَذا النَّبِيِّ الكَرِيمِ السّاتِرُونَ لِشُمُوسِ دِينِهِ ﴿خَيْرٌ﴾ في الدُّنْيا بِالقُوَّةِ والكَثْرَةِ أوِ الدِّينِ عِنْدَ اللَّهِ أوْ عِنْدَ النّاسِ ﴿مِن أُولَئِكُمْ﴾ أيِ: الكُفّارِ العُظَماءِ الجَبابِرَةِ الأشِدّاءِ الَّذِينَ وعَظْناكم بِهِمْ في هَذِهِ السُّورَةِ لِيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِافْتِراقِ حالِهِمْ مِنهم فَيَأْمَنُوا العَذابَ مَعَ جامِعِ التَّكْذِيبِ وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهم بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ ﴿أمْ لَكُمْ﴾ أجْمَعِينَ دُونَهم كُفّارِكم وغَيْرِ كُفّارِكم ﴿بَراءَةٌ﴾ مِنَ العَذابِ مِنَ اللَّهِ ﴿فِي الزُّبُرِ﴾ أيِ: الكُتُبِ الآتِيَةِ مِن عِنْدِهِ أأمِنتُمْ بِها مِنَ العَذابِ مَعَ أنَّهم خَيْرٌ مِنكُمْ، فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: أثْبَتَ الخَيْرِيَّةَ أوَّلًا دَلِيلًا عَلى حَذْفِها ثانِيًا، والبَراءَةَ ثانِيًا دَلِيلًا عَلى حَذْفِها أوَّلًا.
{"ayah":"أَكُفَّارُكُمۡ خَیۡرࣱ مِّنۡ أُو۟لَـٰۤىِٕكُمۡ أَمۡ لَكُم بَرَاۤءَةࣱ فِی ٱلزُّبُرِ"}