الباحث القرآني

ولَمّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: فَما فَعَلُوا عِنْدَ مَجِيءِ ذَلِكَ إلَيْهِمْ، قالَ: ﴿كَذَّبُوا﴾ أيْ تَكْذِيبًا عَظِيمًا مُسْتَهِينِينَ ﴿بِآياتِنا﴾ الَّتِي أتاهم بِها مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ وغَيْرِها لِأجْلِ تَكْذِيبِهِمْ بِها عَلى ما لَها مِنَ العَظَمَةِ المُعَرِّفَةِ قَطْعًا [عَنْ] أنَّها مِن عِنْدِنا. ولَمّا كانَتْ خَوارِقُ العاداتِ كَما مَضى مُتَساوِيَةَ الأقْدامِ في الدَّلالَةِ عَلى صِدْقِ الآتِي بِها، وكانُوا قَدْ صَمَّمُوا عَلى أنَّهُ مَهْما أتاهم بِآيَةٍ كَذَّبُوا بِها، كانُوا كَأنَّهم قَدْ أتَتْهم كُلُّ آيَةٍ فَلِذَلِكَ قالَ: ﴿كُلِّها﴾ وسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ القَوْلِ: ﴿فَأخَذْناهُمْ﴾ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ بِنَحْوِ ما أخَذْنا بِهِ قَوْمَ نُوحٍ مِنَ الإغْراقِ ﴿أخْذَ عَزِيزٍ﴾ أيْ: لا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ وهو يَغْلِبُ كُلَّ شَيْءٍ ﴿مُقْتَدِرٍ﴾ أيْ لا يُعَجِّلُ بِالأخْذِ لِأنَّهُ [لا] يَخافُ الفَوْتَ ولا يَخْشى مُعَقِّبًا لِحُكْمِهِ، بالِغِ القُدْرَةِ إلى حَدٍّ لا يُدْرِكُ الوَصْفُ كُنْهَهُ لِأنَّ صِيغَةَ الِافْتِعالِ مَبْناها عَلى المُعاجَلَةِ ومَن عاجَلَ فِعْلًا أجْهَلَ نَفْسَهُ فِيهِ، فَكانَ عَلى أتَمِّ الوُجُوهِ، وهَذِهِ الغايَةُ هي المُرادَةُ لَيْسَ غَيْرُها، فَهو تَمْثِيلٌ لِأنَّهُ سُبْحانَهُ يُخاطِبُنا بِما نَعْبُدُهُ، وبِهَذِهِ المُبالَغَةِ فَلَمْ يَلْفِتْ مِنهم أحَدٌ، وقَدْ خُتِمَتِ القِصَصُ بِمِثْلِ ما افْتُتِحَتْ بِهِ مِن عَذابِ المُفْسِدِينَ بِالإغْراقِ لِيُطابِقَ الخَتْمُ البَدْءَ، وكانَتْ نَجاةُ المُصْلِحِينَ مِنَ الأوَّلِينَ بِالسَّفِينَةِ، وكانَتْ نَجاةُ المُصْلِحِينَ مِنَ الآخِرِينَ بِأرْضِ البَحْرِ كانَتْ هي سَفِينَتَهُمْ، لِيَكُونَ الخَتْمُ أعْظَمَ مِنَ البَدْءِ كَما هو شَأْنُ أهْلِ الِاقْتِدارِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب