الباحث القرآني

ولَمّا عُلِمَ مِن هَذا أنَّهُ سُبْحانَهُ فَصَلَ الأمْرَ بَيْنَهُمْ، تَشَوَّفَ السّامِعُ إلى عِلْمِ ذَلِكَ فَقالَ تَعالى مُسْتَأْنِفًا دالًّا بِأنَّهم طالَبُوهُ بِآيَةٍ دالَّةٍ عَلى صِدْقِهِ: ﴿إنّا﴾ أيْ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿مُرْسِلُو النّاقَةِ﴾ أيْ: مُوجِدُوها ومُخْرِجُوها كَما اقْتَرَحُوا مِن حَجَرٍ أهَّلْناهُ لِذَلِكَ وخَصَّصْناهُ مِن بَيْنِ الحِجارَةِ دَلالَةً عَلى إرْسالِنا صالِحًا عَلَيْهِ السَّلامُ: مُخَصِّصِينَ لَهُ مِن بَيْنِ قَوْمِهِ، وذَلِكَ أنَّهم قالُوا لِصالِحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ: نُرِيدُ أنْ نَعْرِفَ المُحِقَّ مِنّا بِأنْ نَدْعُوَ آلِهَتَنا وتَدْعُوَ إلَهَكَ فَمَن أجابَهُ إلَهُهُ عُلِمَ أنَّهُ المُحِقُّ، فَدَعَوْا أوْثانَهم فَلَمْ تُجِبْهُمْ، فَقالُوا: ادْعُ أنْتَ، فَقالَ: فَما تُرِيدُونَ؟ قالُوا: تَخْرُجُ لَنا مِن هَذِهِ الصَّخْرَةِ ناقَةٌ تَبْعَرُ عُشَراءُ، فَأجابَهم إلى ذَلِكَ بِشَرْطِ الإيمانِ، فَوَعَدُوهُ بِذَلِكَ وأكَّدُوا فَكَذَبُوا بَعْدَ ما كَذَبُوا في أنَّ آلِهَتَهم تُجِيبُهُمْ، وصَدَقَ هو ﷺ في كُلِّ ما قالَ فَأخْبَرَهُ رَبُّهُ سُبْحانَهُ أنَّهُ يُجِيبُهم إلى إخْراجِها ﴿فِتْنَةً لَهُمْ﴾ أيِ امْتِحانًا يُخالِطُهم بِهِ فَيُمِيلُهم عَنْ حالَتِهِمُ الَّتِي وعَدُوا بِها ويُجِيبُهم عَنْها، وسَبَّبَ سُبْحانَهُ عَنْ ذَلِكَ أمْرَهُ بِانْتِظارِهِمْ فِيما يَصْنَعُونَ بَعْدَ إخْراجِهِمْ لِما تُوصِلُهم إلَيْهِ عَواقِبُ الفِتْنَةِ فَقالَ: ﴿فارْتَقِبْهُمْ﴾ أيْ: كَلِّفْ نَفْسَكَ انْتِظارَهم فِيما يَكُونُ لَهم جَزاءً عَلى أعْمالِهِمُ انْتِظارَ مَن يَحْرُسُهم وهو عالِمٌ عَلِيمٌ فَإنَّهم واصِلُونَ بِأعْمالِهِمْ إلى الدّاهِيَةِ الَّتِي تُسَمّى بِأُمِّ العُرْقُوبِ (p-١٢١)لِيَكُونُوا كَمَن جُعِلَ في رَقَبَتِهِ، ودَلَّ بِصِيغَةِ الِافْتِعالِ عَلى أنَّهُ يَكُونُ لَهُ مِنهُ أذًى بالِغٌ قَبْلَ انْفِصالِ النِّزاعِ فَقالَ: ﴿واصْطَبِرْ﴾ أيْ: عالِجْ نَفْسَكَ واجْتَهِدْ في الصَّبْرِ عَلَيْهِمْ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب