﴿ما زاغَ﴾ أيْ ما مالَ أدْنى مَيْلٍ ﴿البَصَرُ﴾ أيِ الَّذِي لا بَصَرَ لِمَخْلُوقٍ أكْمَلُ مِنهُ، فَما قَصَّرَ عَنِ النَّظَرِ فِيما أُذِنَ لَهُ فِيهِ ولا زادَ ﴿وما طَغى﴾ أيْ تَجاوَزَ الحَدَّ إلى ما لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ مَعَ أنَّ ذَلِكَ العالَمَ غَرِيبٌ عَنْ بَنِي آدَمَ، وفِيهِ مِنَ العَجائِبِ ما يُحَيِّرُ النّاظِرَ، بَلْ كانَتْ لَهُ العِفَّةُ الصّادِقَةُ المُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الشَّرَهِ والزَّهادَةِ عَلى أتَمِّ قَوانِينِ العَدْلِ، فَأثْبَتَ ما رَآهُ عَلى حَقِيقَتِهِ، وكَما قالَ السُّهْرَوَرْدِيُّ في أوَّلِ البابِ الثّانِي والثَّلاثِينَ مِن عَوارِفِهِ: وأخْبَرَ تَعالى بِحُسْنِ أدَبِهِ في الحَضْرَةِ بِهَذِهِ الآيَةِ، وهَذِهِ غامِضَةٌ مِن (p-٥٤)غَوامِضِ الأدَبِ، اخْتُصَّ بِها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
{"ayah":"مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ"}