الباحث القرآني

(p-٢٢)ولَمّا كانَتْ نِسْبَتُهُ ﷺ فِيما أتاهم بِهِ مِن هَذا القُرْآنِ الآمِرِ بِالحِكْمَةِ إلى أنَّهُ أتى بِهِ عَنِ الجِنِّ الَّذِينَ طَبْعُهُمُ الفَسادُ مِمّا لا يَنْبَغِي أنْ يَتَخَيَّلَهُ أحَدٌ فَضْلًا أنْ يَقُولَهُ لَهُ ﷺ، ولا يَكادُ يُصَدَّقُ أنَّ أحَدًا يَرْمِيهِ بِهِ، فَكانَ في طَيِّهِ سُؤالُ تَقْرِيعٍ وتَوْبِيخٍ، نَبَّهَ عَلى ذَلِكَ بِالعَطْفِ عَلى ما تَقْدِيرُهُ: أيَقُولُونَ هَذا القَوْلَ البَعِيدَ مِن أقْوالِ أهْلِ العُقُولِ: ﴿أمْ يَقُولُونَ﴾ ما هو أعْجَبُ في مُجَرَّدِ قَوْلِهِ فَضْلًا عَنْ تَكْرِيرِهِ، فَـ ”أمْ“ مُعادِلَةٌ لِلِاسْتِفْهامِ قَبْلَها لا مَقْطُوعَةٌ، وكَذا جَمِيعُ ما بَعْدَها وهو مَعْنى ما نَقَلَهُ البَغْوِيُّ عَنِ الخَلِيلِ أنَّهُ قالَ: ما في سُورَةِ الطُّورِ مِن ذِكْرِ ”أمْ“ كُلُّهُ اسْتِفْهامٌ ولَيْسَ بِعَطْفٍ. ﴿شاعِرٌ﴾ يَقُولُ كَلامًا مَوْزُونًا بِالقَصْدِ، يَلْزَمُهُ التَّكَلُّفُ لِذَلِكَ فَيَغْلِبُ إلْزامُ الوَزْنِ قائِلَهُ حَتّى يَجْعَلَ اللَّفْظَ هو الأصْلَ ويَجْعَلَ المَعْنى تابِعًا لَهُ، فَيَأْتِي كَثِيرٌ مِن كَلامِهِ ناقِصَ المَعانِي هَلْهَلَ النَّسْجِ مَغْلُوبًا فِيهِ عَلى أمْرِهِ مُعْتَرِفًا إذا وقَفَ عَلَيْهِ بِتَقْصِيرِهِ مُتَعَذِّرًا بِما زانَهُ بِهِ زَعَمَ مِن أوْزانِهِ، وساقَ سُبْحانَهُ هَذا وكَذا ما بَعْدَهُ مِنَ الأقْسامِ عَلى طَرِيقِ الِاسْتِفْهامِ مَعَ أنَّ نِسْبَتَها إلَيْهِمْ مُحَقَّقَةٌ، تَنْبِيهًا عَلى أنَّ مِثْلَ هَذا لا يَقُولُهُ عاقِلٌ، وإنْ قالَهُ أحَدٌ لَمْ يَكَدِ النّاقِلُ عَنْهُ يُصَدِّقُ: (p-٢٣)﴿نَتَرَبَّصُ﴾ أيْ نَنْتَظِرُ ﴿بِهِ رَيْبَ المَنُونِ﴾ أيْ حَوادِثَ الدَّهْرِ مِنَ المَوْتِ وغَيْرِهِ القاطِعَةَ، مِنَ المَنِّ وهو القَطْعُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب