الباحث القرآني

ولَمّا حَصَرَ سُبْحانَهُ خَلْقَهم في إرادَةِ العِبادَةِ، صَرَّحَ بِهَذا المَفْهُومِ بِقَوْلِهِ: ﴿ما أُرِيدُ مِنهُمْ﴾ أيْ: في وقْتٍ مِنَ الأوْقاتِ، وعَمَّ في النَّفْيِ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن رِزْقٍ﴾ أيْ: شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ عَلى وجْهٍ يَنْفَعُنِي مِن جَلْبٍ أوْ دَفْعٍ، لِأنِّي مُنَزَّهٌ عَنْ لَحاقِ نَفْعٍ أوْ ضُرٍّ، كَما يَفْعَلُ غَيْرِي مِنَ المَوالِي بِعَبِيدِهِمْ مِنَ الِاسْتِكْثارِ بِغَلّاتِهِمْ والِاسْتِعانَةِ بِقُوّاتِهِمْ لِأنِّي الغَنِيُّ المُطْلَقُ وكُلُّ شَيْءٍ مُفْتَقِرٌ إلَيَّ ﴿وما أُرِيدُ﴾ أصْلًا ﴿أنْ يُطْعِمُونِ﴾ أيْ: [أنْ] يَرْزُقُونِي رِزْقًا خاصًّا هو الإطْعامُ، وفِيهِ تَعْرِيضٌ (p-٤٨٢)بِأصْنامِهِمْ؛ فَإنَّهم كانُوا يَعْمَلُونَ مَعَها ما يَنْفَعُها ويُحْضِرُونَ لَها الأكْلَ، فَرُبَّما أكَلَتْها الكِلابُ ثُمَّ بالَتْ عَلى الأصْنامِ. ثُمَّ لا يَصُدُّهم ذَلِكَ، وهَذِهِ الآيَةُ دَلِيلٌ عَلى أنَّ الرِّزْقَ أعَمُّ مِنَ الأكْلِ، والتَّعْبِيرُ بِالإرادَةِ دالٌّ عَلى ما قُلْتُ إنَّهُ مَقْصُودٌ بِالعِبادَةِ. وهو الجَرْيُ تَحْتَ الإرادَةِ، تارَةً بِمُوافَقَةِ الشَّرْعِ وتارَةً بِمُخالَفَتِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب