الباحث القرآني

ولَمّا كانَ إنْزالُ الماءِ أبْهَرَ الآياتِ وأدَلَّها عَلى أنَّهُ أجَلُّ مِن أنْ يُقالَ: إنَّهُ داخِلَ العالَمِ أوْ خارِجَهُ، أوْ مُتَّصِلٌ بِهِ أوْ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ، مَعَ أنَّ بِهِ تَكُونُ النَّباتُ وحُصُولُ الأقْواتِ وبِهِ حَياةُ كُلِّ شَيْءٍ، أفْرَدَهُ تَنْبِيهًا عَلى ذَلِكَ فَقالَ: ﴿ونَـزَّلْنا﴾ أيْ: شَيْئًا فَشَيْئًا في أوْقاتٍ عَلى سَبِيلِ التَّقاطُرِ وبِما يُناسِبُ عَظَمَتَنا الَّتِي لا تُضاهى بِغَيْبٍ، بِما لَهُ مِنَ النَّقْلِ والنُّبُوعِ والنُّفُوذِ فَنَزَلَ دُفْعَةً واحِدَةً فَأهْلَكَ ما نَزَلَ عَلَيْهِ فَزالَتِ المُفَقَّرَةُ وعادَتِ المَنفَعَةُ مَضَرَّةً ﴿مِنَ السَّماءِ﴾ أيِ: المَحَلِّ العالِي الَّذِي لا يُمْسَكُ فِيهِ الماءُ عَنْ دَوامِ التَّقاطُرِ إلّا بِقاهِرٍ ﴿ماءً مُبارَكًا﴾ أيْ: نافِعًا جِدًّا ثابِتًا لا خَيالًا مُحِيطًا (p-٤١٢)بِجَمِيعِ مَنافِعِكم. ولَمّا كانَ الماءُ سَبَبًا في تَكَوُّنِ الأشْياءِ، وكانَ ذَلِكَ سَبَبًا في انْعِقادِهِ حَتّى يَصِيرَ خَشَبًا وحَبًّا وعِنَبًا، وغَيْرَ ذَلِكَ عَجَبًا، قالَ: ﴿فَأنْبَتْنا﴾ مُعَبِّرًا بِنُونِ العَظَمَةِ ﴿بِهِ جَنّاتٍ﴾ مِنَ الثَّمَرِ والشَّجَرِ والزَّرْعِ وغَيْرِهِ مِمّا تَجْمَعُهُ البَساتِينُ فَتُجَنُّ - أيْ تَسْتُرُ - الدّاخِلَ فِيها. ولَمّا كانَ القَصَبُ الَّذِي يُحْصَدُ فَيَكُونُ حَبُّهُ قُوتًا لِلْحَيَوانِ وساقُهُ لِلْبَهائِمِ، خَصَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وحَبَّ الحَصِيدِ﴾ أيِ: النَّجْمِ الَّذِي مِن شَأْنِهِ أنْ يُحْصَدَ مِنَ البُرِّ والشَّعِيرِ ونَحْوِهِما، وأوْمَأ بِالتَّقْيِيدِ إلى أنَّ هَذِهِ الحُبُوبَ أشْرَفُ مِن حَبِّ اللَآلِئِ الَّذِي يُنْبِتُهُ اللَّهُ مِنَ المَطَرِ لِأنَّها لِقِيامِ النَّبْتَةِ؟ وتِلْكَ لِلزِّينَةِ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب