الباحث القرآني

(p-٤١٠)ولَمّا دَلَّ سُبْحانَهُ عَلى تَمامِ قُدْرَتِهِ وكَمالِ عِلْمِهِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِن صِفاتِ الكَمالِ بِآيَةِ السَّماءِ، أتْبَعَ ذَلِكَ الدَّلالَةَ عَلى أنَّهُ لا يُقالُ فِيهِ: داخِلَ العالَمِ ولا خارِجَهُ؛ لِأنَّهُ مُتَّصِلٌ [بِهِ] ولا مُنْفَصِلٌ عَنْهُ، نَبَّهَ عَلى ذَلِكَ بِالدَّلالَةِ عَلى آيَةِ الأرْضِ، وأخَّرَها؛ لِأنَّ السَّماءَ أدَلُّ عَلى المَجْدِ الَّذِي هَذا سِياقُهُ، لِأنَّها أعْجَبُ صَنْعَةً وأعْلى عُلُوًّا وأجَلُّ مِقْدارًا وأعْظَمُ أثَرًا، وأنَّ الأرْضَ لِكَثْرَةِ المُلابَسَةِ لَها والِاجْتِناءِ مِن ثِمارِها يَغْفُلُ الإنْسانُ عَنْ دَلالَتِها، بِما لَهُ في ذَلِكَ مِنَ الصَّنائِعِ والمَنافِعِ، فَقالَ: ﴿والأرْضَ﴾ أيِ: المُحِيطَةَ بِهِمْ ﴿مَدَدْناها﴾ أيْ: جَعَلْناها لِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ مَبْسُوطَةً لا مُسَنَّمَةً. ولَمّا كانَ المَمْدُودُ يَتَكَفَّأُ، قالَ: ﴿وألْقَيْنا﴾ بِعَظَمَتِنا ﴿فِيها رَواسِيَ﴾ أيْ: جِبالًا ثَوابِتَ كانَ سَبَبًا لِثَباتِها، وخالَفَتْ عادَةَ المَراسِي في أنَّها مِن فَوْقُ، والمَراسِي تُعالِجُونَها أنْتُمْ مِن تَحْتُ. ولَمّا كانَ سُكّانُها لا غِنى لَهم عَنِ الرِّزْقِ، قالَ مُمْتَنًّا عَلَيْهِمْ: ﴿وأنْبَتْنا﴾ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿فِيها﴾ وعَظَّمَ قُدْرَتَها بِالتَّبْعِيضِ فَقالَ: ﴿مِن كُلِّ زَوْجٍ﴾ أيْ: صِنْفٍ مِنَ النَّباتِ تُزاوِجُهُ أشْكالُهُ بِأرْزاقِكم كُلِّها ﴿بَهِيجٍ﴾ أيْ: هو في غايَةِ الرَّوْنَقِ والإعْجابِ، فَكانَ - مَعَ كَوْنِهِ رِزْقًا - مُتَنَزَّهًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب