الباحث القرآني

ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: وهم لا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ مِن عَظَمَتِنا لِأنَّهم مُعْتَرِفُونَ بِأنّا خَلَقْنا السَّماواتِ والأرْضَ وخَلَقْناهم مِن تُرابٍ وإنّا نَحْنُ نُنْزِلُ الماءَ فَيَنْبُتُ النَّباتُ، أضْرَبَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالحَقِّ﴾ أيِ: الأمْرِ الثّابِتِ الَّذِي لا أثْبَتَ مِنهُ ﴿لَمّا﴾ أيْ: حِينَ ﴿جاءَهُمْ﴾ لِما ثارَ عِنْدَهم مِن أجْلِ تَعَجُّبِهِمْ مِن إرْسالِ رَسُولِهِمْ مِن حُظُوظِ النُّفُوسِ وغَلَبَهم مِنَ الهَوى، حَسَدًا مِنهم مِن غَيْرِ تَأْمُّلٍ لِما قالُوهُ ولا تَدَبُّرٍ، ولا نَظَرٍ فِيهِ (p-٤٠٧)ولا تَفَكُّرٍ، فَلِذَلِكَ قالُوا ما لا يُعْقَلُ مِن أنَّ مَن قَدَرَ عَلى إيجادِ شَيْءٍ مِنَ العَدَمِ وإبْدائِهِ لا يَقْدِرُ عَلى إعادَتِهِ بَعْدَ إعْدامِهِ وإفْنائِهِ. ولَمّا تَسَبَّبَ عَنِ انْتِسابِهِمْ في هَذا القَوْلِ الواهِي وارْتِهانِهِمْ في عُهْدَتِهِ اضْطِرابُهم في الرَّأْيِ: هَلْ يَرْجِعُونَ فَيَنْسُبُوا إلى الجَهْلِ والطَّيْشِ والسَّفَهِ والرُّعُونَةِ أمْ يَدُومُونَ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ مَعَ كُفْرِهِمْ بِالَّذِي خَلَقَهم إلى أعْظَمَ مِن ذَلِكَ مِنَ القِتالِ والقَتْلِ، والنِّسْبَةِ إلى الطَّيْشِ والجَهْلِ، قالَ مُعَبِّرًا عَنْ هَذا المَعْنى: ﴿فَهُمْ﴾ أيْ: لِأجْلِ مُبادَرَتِهِمْ إلى هَذا القَوْلِ السَّفْسافِ ﴿فِي أمْرٍ مَرِيجٍ﴾ أيْ: مُضْطَرِبٍ جِدًّا مُخْتَلِطٍ، مِنَ المَرَجِ وهو اخْتِلاطُ النَّبْتِ بِالأنْواعِ المُخْتَلِفَةِ، فَهم [تارَةً] يَقُولُونَ: سِحْرٌ، وتارَةً كِهانَةٌ، وتارَةً شِعْرٌ، وتارَةً كَذِبٌ، وتارَةً غَيْرُ ذَلِكَ، والِاضْطِرابُ مُوجِبٌ لِلِاخْتِلافِ، وذَلِكَ أدَلُّ دَلِيلٍ عَلى الإبْطالِ كَما أنَّ الثَّباتَ والخُلُوصَ مُوجِبٌ لِلِاتِّفاقِ، وذَلِكَ أدَلُّ دَلِيلٍ عَلى الحَقِيَةِ، قالَ الحَسَنُ: ما تَرَكَ قَوْمٌ الحَقَّ إلّا مَرَجَ أمْرُهم - وكَذا قالَ قَتادَةُ، وزادَ: والتَبَسَ عَلَيْهِمْ دِينُهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب