الباحث القرآني

ولَمّا كانَ السِّياقُ لِإحاطَةِ العِلْمِ بِما نَعْلَمُ وما لا نَعْلَمُ، تَوَقَّعَ السّامِعُ الجَوابَ عَنْ هَذا الجَهْلِ، فَقالَ مُزِيلًا لِسَبَبِهِ، مُفْتَتِحًا بِحَرْفِ التَّوَقُّعِ: ﴿قَدْ﴾ أيْ: بَلْ نَحْنُ عَلى ذَلِكَ في غايَةِ القُدْرَةِ لِأنّا قَدْ ﴿عَلِمْنا﴾ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنهُمْ﴾ أيْ: مِن أجْزائِهِمُ المُتَخَلِّلَةِ مِن أبْدانِهِمْ بَعْدَ المَوْتِ وقَبْلَهُ، فَإنَّهُ [لَوْ] زادَ الإنْسانُ بِكُلِّ طَعامٍ يَأْكُلُهُ ولَمْ يَنْقُصْ صارَ كالجَبَلِ بَلْ نَحْنُ دائِمًا في إيجادِ وإعْدامِ تِلْكَ الأجْزاءِ، [و] ذَلِكَ فَرْعُ العِلْمِ بِها كُلُّ جُزْءٍ في وقْتِهِ الَّذِي كانَ نَقْصُهُ فِيهِ قَلَّ ذَلِكَ الجُزْءُ أوْ جَلَّ، ولَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ إلّا بِأعْيُنِنا (p-٤٠٦)بِما لَنا مِنَ القَيُّومِيَّةِ والخِبْرَةِ النّافِذَةِ في البَواطِنِ فَضْلًا عَنِ الظَّواهِرِ والحِفْظِ، الَّذِي لا يُصَوَّبُ إلى جَنابِهِ عِيٌّ ولا غَفْلَةٌ ولا غَيْرُ، ولَكِنَّهُ عَبَّرَ بِمِن؛ لِأنَّ الأرْضَ لا تَأْكُلُ عَجَبَ الذَّنَبِ؛ فَإنَّهُ كالبِزْرِ لِأجْسامِ بَنِي آدَمَ. ولَمّا كانَتِ العادَةُ جارِيَةً عِنْدَ جَمِيعِ النّاسِ بِأنَّ ما كُتِبَ حُفِظَ، أجْرى الأمْرَ عَلى ما جَرَتْ بِهِ عَوائِدُهم فَقالَ مُشِيرًا بِنُونِ العَظَمَةِ إلى غِناهُ عَنِ الكِتابِ: ﴿وعِنْدَنا﴾ أيْ: عَلى ما لَنا مِنَ الجَلالِ الغَنِيِّ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ ﴿كِتابٌ﴾ أيْ: جامِعٌ لِكُلِّ شَيْءٍ ﴿حَفِيظٌ﴾ أيْ: بالِغٌ في الحِفْظِ لا يَشِذُّ عَنْهُ شَيْءٌ مِنَ الأشْياءِ دَقَّ أوْ جَلَّ، فَكَيْفَ يَسْتَبْعِدُونَ عَلى عَظَمَتِنا أنْ لا نَقْدِرَ عَلى تَمْيِيزِ تُرابِهِمْ مِن تُرابِ الأرْضِ [ولَمْ يَخْتَلِطْ في عِلْمِنا شَيْءٌ مِن جُزْءٍ مِنهُ بِشَيْءٍ مِن جُزْءٍ آخَرَ فَضْلًا عَنْ أنْ يَخْتَلِطَ شَيْءٌ مِنهُ بِشَيْءٍ آخَرَ مِن تُرابِ الأرْضِ] أوْ غَيْرِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب